السبيل إلى العزة والتمكين

الاثنين، 25 يناير 2016

لامية ابن الوردي للشيخ زين الدين أبي حفص المشهور بابن الوردي

بسم الله الرحمن الرحيم
   الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين,,,
هذه ( لامية ابن الوردي ) للشيخ الفقيه النحوي القاضي المؤرخ زين الدين أبي حفص عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس المعري البكري, المشهور بابن الوردي, المتوفى سنة 947هـ, رحمه الله تعالى, قال :


إِعتزلْ ذِكـرَ الأَغَانـي والغَـزَلْ***وقُلِ الفَصْلَ وجانبْ مَـنْ هَـزَلْ
ودَعِ الذِّكـرَ لأيــامِ الصِّـبـا***فَلأَيـامِ الصِّبـا نـجَـمٌ أفَــلْ
إنْ أَهنـا عِيـشـةٍ قَضيتُـهـا***ذَهبـتْ لذَّاتُهـا وَالإثـمُ حَـلْ
واتـرُكِ الغـادَةَ لاَ تحفـلْ بهـا***تمُـسِ فـي عِـزٍّ رفيـعٍ وتُجَـلْ
وَافتَكرْ في مُنتهَى حُسـنِ الْـذَّي***أنْتَ تهَـواهُ تجـدْ أمـراً جَلَـلْ
وَاهجُرِ الخْمَـرةَ إنْ كُنـتَ فتـىً***كَيفَ يَسعى في جُنونٍ مَنْ عَقَـلْ
واتَّـقِ اللهَ فَتـقـوْى اللهِ مَــا***جاورتْ قَلبَ امـريءٍ إلا وَصَـلْ
لَيسَ مـنْ يَقطـعُ طُرقـاً بَطـلاً***إنمـا مـنْ يتَّقِـي اللهَ البَـطَـلْ
صدِّقِ الشَّـرعَ وَلاَ تَركـنْ إِلـى***رَجلٍ يَرَّصِدُ فـي الْلَّيـل زُحـلْ
حَارتِ الأَفْكارُ في حِكمـةِ مَـنْ***قَدْ هَدانـا سبْلنـا عـزَّ وجَـلْ
كُتبَ الموتُ على الخَلـقِ فكـمْ***فَلَّ مِن جَيشٍ وأَفنَـى مِـنْ دُوَلْ
أيـنَ نمُـرودُ وَكَنعـانُ ومَــنْ***مَلَـكَ الأرْضَ وَوَلـىَّ وعَــزَلْ
أَينَ عـادٌ أَيـنَ فِرعَـونُ وَمَـنْ***رَفعَ الأَهَرامَ مِـنْ يسمـعْ يَخَـلْ
أَينَ مَنْ سَـادوا وشَـادوا وبَنَـوا***هَلَكَ الكُـلُّ وَلـم تُغـنِ القُلَـلْ
أَينَ أرْبابُ الحِجَى أَهْـلُ النُّهـى***أَينَ أهْـلُ العلـمِ والقـومُ الأوَلْ
سيُعـيـدُ اللهُ كُــلاً مِنـهـمُ***وَسيَجزِي فَاعِلاً مـا قـد فَعَـلْ
إيْ بُنيَّ اسمـعْ وَصَايَـا جَعَـتْ***حِكماً خُصَّتْ بهِـا خَيـرُ المِلـلْ
أُطلبُ العِلـمَ وَلاَ تَكسَـلْ فَمَـا***أَبعَدَ الخْيرَ عَلـى أهـلِ الكَسَـلْ
وَاحتَفِلْ للفقـهِ فـي الدِّيـنِ وَلاَ***تَشَّتغِـلْ عَنـهُ بمِـالٍ وخَــوَلْ
وَاهْجُـرِ النَّـومَ وَحصِّلـهُ فمـنْ***يَعرفِ المْطلُوْبَ يحُقـرْ مـا بَـذَلْ
لاَ تَقـلْ قَـدْ ذَهَبـتْ أربـابُـهُ***كُلُّ مِنْ سارَ عَلى الدَّربِ وَصْـلْ
في ازدِيادِ العِلـمِ إِرغْـامُ العِدى***وَجمَالُ الْعِلـمِ إِصـلاَحُ الْعَمـلْ
جَمِّـلِ المَنطِـقَ بالنَّحـو فَمـنْ***يحُرَمِ الإِعـرْابَ بالنُّطـقِ اخَتَبـلْ
انظُـمِ الشِّعـرَ وَلاَزِمْ مَذْهَـبِـي***في اطَّراحِ الرَّفد لاَ تبـغِ النَّحَـلْ
فَهوَ عُنوانٌ عَلَـى الْفَضـلِ وَمَـا***أحَسـنَ الشِّعـرَ إِذْا لـمَ يُبتـذلْ
مَاتَ أهلُ الْفَضلِ لم يَبـقَ سِـوى***مُقرفٍ أَوْ مَنْ عَلَى الأَصْلِ اتَّكـلْ
أَنَـا لاَ أَخَتَـارُ تَقبِـيـلَ يــدٍ***قَطْعُها أَجمْلُ مِـنْ تِلـكَ القُبـلْ
إِنْ جَزتني عَنْ مَديحِي صِرتُ فـي***رقِّهـا أَوْ لاَ فَيكفِينـي الخَجَـلْ
أَعذْبُ الأَلْفَاظِ قَولي لَـكَ خُـذْ***وَأمَـرُّ الْلفـظِ نُطقـي بِلَـعَـلّْ
مُلكُ كِسرى عَنهُ تُغنـي كِسـرةٌ***وَعنِ الْبحَّـرِ اجْتـزاءٌ بالوَشـلْ
اَعتَبـر نحَـن قَسَمنَّـا بَيَنَـهُـمُ***تَلقِـهُ حَقَـاً وَبِالحْـقِ نَــزْلْ
لَيسَ مَا يحَوُي الْفَتى مِـنْ عَزمِـهِ***لاَ وَلاَ مَا فَـاتَ يَومـاً بِالكْسَـلْ
اطـرحِ الدُّنيـا فَمـنْ عَادْاتهِـا***تخُفِضُ العاليْ وتُعلي مَـنْ سَفَـلْ
عَيشـةُ الرَّاغـبِ فـي تحَصِيلِهـا***عَيشَـةُ الجْاهـلِ فِيهْـا أَوْ أقْـلْ
كَمْ جَهولٍ بَـاتَ فَيهـا مُكثـراً***وَعَليمٍ بَـاتَ مِنهـا فـي عِلَـلْ
كَمْ شُجاعٍ لم يَنـلْ فيهـا المُنـى***وَجَبـانٍ نَـالَ غايـاتِ الأَمْـلْ
فَاتـركِ الحْيلَـةَ فِيهَـا وَاتَّكِـلْ***إِنمـا الحْيلَـةُ فـي تَـركِ الحِيَـلْ
أيُّ كَفٍّ لـمْ تَنـلْ مِنهـا المُنـى***فَرْمَاهَـا اللهُ مِـنـهُ بالشَّـلَـلْ
لاَ تَقُـلْ أَصْلـي وَفَصلـي أَبـداً***إِنما أصْلُ الفَتى مَـا قَـدْ حَصَـلْ
قَدْ يسُـودُ المـرءُ مِـنْ دُونِ أبٍ***وَبِحُسنِ السَّبْكِ قدْ يُنقَى الدَّغّـلْ
إِنما الْـوردُ مِـنَ الشَّـوكِ وَمَـا***يَنبُتُ النَّرجِـسُ إِلاَ مِـنْ بَصَـلْ
غَيـرَ أَنـي أَحمـدُ اللهَ عَـلـى***نَسبـي إِذْ بِأَبِـي بِكَـرِ اتَّصـلْ
قِيمـةُ الإِنْسـانِ مَـا يُحسنُهُـأ***كثـرَ الإنِسـانُ منـهُ أمْ أقَـلْ
أُكُتـمِ الأَمريـنِ فقـراً وغَنِـى***وَاكسَب الفَلْسَ وَحَاسِب وَمنْ بَطَلْ
وَادَّرع جـداً وكـداً واجتنـبْ***صُحبةَ الحْمقى وَأَرْبَـابُ الخَلَـلْ
بَيـنَ تَبذيـرٍ وبُـخـلٍ رُتـبـةٌ***وَكِـلاَ هَذيـنِ إنْ زادَ قَـتَـلْ
لاَ تخُضْ في حَقِ سَـاداتٍ مَضَـوا***إِنهـم لَيسًُّـوا بأهْـلِ للـزَّلَـلْ
وَتَغَاضَى عَـنْ أُمـورٍ إِنـهُ لـم***يفُـزْ بِالحْمـدِ إِلاَ مَـنْ غَـفَـلْ
لَيسَ يخَلُو المْرءُ مِـنْ ضـدٍّ وَلَـو***حَاوْلَ العُزلـةَ فـي رَاسِ الجبَـلْ
مِلْ عَنْ النَمَّـامِ وازجُـرُهُ فَمَـا***بلّـغَ المْكـروهَ إلا مَـنْ نَـقَـلْ
دارِ جـارَ السُّـوءِ بِالصَّبـرِ وإنْ***لمْ تجدْ صَبراً فَمـا أحَلـى النُّقَـلْ
جَانِبِ السُّلطانَ واحـذرْ بَطشَـهُ***لاَ تُعانِـدْ مَـنْ إِذْا قـالَ فَعَـلْ
لاَ تَلِ الأحَكـامَ إِنْ هُـمْ سَأَلْـوا***رَغبةً فيكَ وَخَالـفْ مَـنْ عَـذَلْ
إنَّ نِصـفَ النَّـاسِ أَعَـداءٌ لمـنْ***وُليَ الأَحكَـامَ هَـذْا إِنَّ عَـدَلْ
فَهُـوُ كَالمحَبُـوسِ عَـنْ لـذَّاتـهِ***وَكِلاَ كفّيـهِ فـي الحْشـرِ تُغَـلْ
إِنَّ لِلنقـصِ والاسَتْثِقـالِ فــي***لَفظَةِ الْقَاضِـي لَوَعظـاً أَوْ مَثَـلْ
لاَ تُـوازِى لَـذةُ الحُكـمِ بـمِـا***ذَاقَهُ الشَّخصُ إِذْا الشَّخصُ انعـزْلْ
فَالْوِلاَيَـاتُ وَإِنْ طَابـتْ لـمـنْ***ذاقَها فَالسُّـمُّ فـي ذَاكَ العَسَـلْ
نَصَبُ المنصِـبِ أَوْهـى جَلَـدي***وَعَنائـي مَـنْ مُـداراةِ السَّفـلْ
قَصِّرِ الآمـالَ فـي الدُّنيـا تفُـزْ***فَدْليـلُ الْعَقـلِ تقصيـرُ الأَمْـلْ
إِنْ مـنْ يطلِبـهُ المْـوتُ عَلـى***غِـرَّةٍ مِنـهُ جَديـرٌ بِالـوَجَـلْ
غِبْ وزُرْ غِبَّاَ تـزِدْ حُبَّـاً فَمـنْ***أكثـرَ التَّـردَادَ أَقصـاهُ المَلَـلْ
لاَ يَضُرُّ الْفَضـلَ إِقـلالٌ كَمـا***لاَ يَضرُّ الشَّمسَ إطْبـاقُ الطَّفَـلْ
خُذْ بِنصْلِ السَّيفِ واتركْ غِمـدهُ***واعتبرْ فَضلَ الفتـى دونَ الحُلُـلْ
حُبّكَ الأوْطـانَ عَجـزٌ ظَاهِـرٌ***فَاغْتربْ تلقَ عَـنْ الأَهْـلِ بَـدَلْ
فَبمُكـثِ المَـاءِ يَبقـى آسِـنـاً***وَسَرى البدرِ بهِ الْبـدرُ اكتمـلْ
أيُّهْـا الْعَائِـبُ قُولـي عبـثـاً***إِن طيبَ الْـوردِ مـؤذٍ لِلجُعـلْ
عَدِّ عَن أسهُـمِ قَولـي وَاستتِـرْ***لاَ يُصيبنَّـكَ سَهـمٌ مِـن ثُعَـلْ
لاَ يَغرَّنَّـكَ لَيْـنٌ مِـنْ فـتـىً***إنَّ لِلحيَّـاتِ ليـنـاً يُعـتـزلْ
أَنـا مِثـلُ المْـاءِ سَهَـلٌ سَائـغٌ***وَمتـى أُسـخِـنَ آذى وقَـتَـلْ
أَنا كَالخيَـزور صَعـبٌ كسُّـرهُ***وَهُوْ لَدنٌ كَيفَ ما شِئـتَ انفتَـلْ
غَيرَ أنيَّ فـي زَمـانٍ مَـنْ يكـنْ***فيهُ ذَا مَالٍ هُـوْ المولَـى الأَجـلْ
وَاجبٌ عِنـد الْـورى إكرامُـهُ***وَقليـلُ المْـالِ فيهـمْ يُستقـلْ
كُلُّ أهـلِ العصـرِ غمـرٌ وَأَنَـا***مٍِنهُمُ فَاتـرُّكِ تَفَاصِيـلَ الجُمَـلْ
وَصــلاةُ اللهِ ربــي كُلَّـمـا***طَلَـعَ الشَّمـسُ نهَـاراً وَأَفْـلْ
لِلذِّي حَازَ العُلـى مِـنْ هَاشِمٍـأ***حمَدَ المُختـارِ مَـنْ سَـادَ الأَوَْلْ
وَعَلَـى آلٍ وَصَحـبٍ سَــادةٍ***لَيْـسَ فِيهِـمْ عَاجـزٌ إلا بَطَـلْ

منقول

0 التعليقات:

إرسال تعليق