السبيل إلى العزة والتمكين

تفريغ الشريط رقم 200 من سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني رحمه الله

الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أما بعد :
فقد كتب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق حفظه الله خطابا وجه إلي بتاريخ : 12 جمادي الأولى سنة عشر وأربعمائة وألف ، يذكر فيه أن هناك شريطا مسجلا جاء فيه على لساني أنني قلت في الأخ عبد الرحمن ميعته السياسية وأفسدته الحزبية ؛ فيرجوا الشيخ عبد الرحمن في خطابه المشار إليه أن أرد على هذه الكلمة التي نسبت إلي ؛ وبناء على رغبته أمليت ما يأتي :
بسم الله الرحمن الرحيم ، لقد استمعت إلى شريط مسجل من صوت أخينا الفاضل الشيخ مقبل ابن هادي اليماني جزاه الله خيرا ، ثم إلى كلمات بعض تلامذته المؤيدين لكلامه ؛ وأنا المدعو محمد ناصر الدين الألباني أضم صوتي إلى أصواتهم جميعا , ولا أجد في كلماتهم ما يستدعي الوقوف عندها أو النظر فيها إلا ما جاء منسوبا إلي أنني قلت في أخينا الفاضل عبد الرحمن عبد الخالق , أنه متأثر بفكر الإخوان المسلمين ثم تميع وميع شبابه نسأل الله أن يهديه ؛ فهذا كلام لا أذكر الآن أنني تلفظت به هكذا بهذا الحرف,  إلا إذا سمعت صوتي مسجلا به في شريط , ولا أقول هذا تحفظا أو تهربا من المسئولية ؛ فإنني في الواقع أرى أن التكتل والحماس في تكتيل جماعة السلفيين في الكويت خاصة أنهم يسيرون على خطى الإخوان المسلمين قديما وحديثا ، وتكتيل الشباب المسلم دون العناية بتثقيفهم الثقافة الإسلامية القائمة على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح , كما هي دعوة كل المسلمين المنتمين إلى هذا المنهج الإسلامي الصحيح , ولذلك فإني أخشى ما أخشى أن ترجع الدعوة السلفية في الكويت وفي بلاد أخرى قد تتأثر بهذا التكتل أو التحزب الجديد , وترجع القهقرى , ويتمثلون في دعوتهم خطى جماعة الإخوان المسلمين ذاتها التي أشرت إليها آنفا , وهي القائمة على قول بعضهم : " كتل ثم ثقف " ثم لا شيء بعد ذلك إلا التكتل والتحزب , وأكبر دليلنا على ذلك أنه قد مضى على جماعة الإخوان المسلمين ستون عاما ولم يشاهد من أثر دعوتهم فيهم أنها أنتجت عالما واحدا بين صفوفهم يرجع الناس إليه لمعرفة أمور دينهم وعلى النهج المذكور آنفا ؛ ولذلك فنحن نريد أن يظل إخواننا السلفيين في الكويت وفي كل بلاد الإسلام يعنون بالتثقيف وليس بالتكتيل ؛ لأن هذه هي دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بل والأنبياء كلهم ، ثم ينشأ بعد ذلك التجمع المنشود والتكتل المرغوب .
لذلك نحن نقول خلاف ما قيل آنفا نقول : " ثقف ثم كتل " والتثقيف لا يمكن أن يتحقق فعلا بوجود عالم أو اثنين أو ثلاثة للألوف المؤلفة ممن يستجيبون استجابة عامة للدعوة السلفية , ويكتلون تكتيلا حزبيا , فإذا لم يكن في هذه الجماعة عشرات العلماء المتمكنين من العقيدة الصحيحة والعلم الصحيح فسوف تنقلب الجماعة فيما بعد إلى جماعة لا علم ولا تربية على العلم الصحيح خلافا لدعوتنا المباركة القائمة على التصفية والتربية ؛ لهذا فأخشى ما أخشاه أن ينقلب وضع الجماعة السلفية حينما يعنون بالتكتل دون التثقيف إلى جماعة أخرى لا صلة لها بالدعوة الصحيحة.
وكأني ألمس أثرا لهذا الانشغال من كلام أخينا عبد الرحمن عبد الخالق نفسه في بعض رسائله كقوله في رسالته : " المسلمون والعمل السياسي " حيث قال صفحة 21 : " ولاشك أيضا أن من أخطاء المنهج الأول أنه يفرض أقوالا في الدين لا دليل عليها كتحريم الجماعة والحزب ... " إلى آخره لأنه من الواضح أنه لا يعني تكتل المسلمين على جماعة واحدة وحزب واحد لأن مثل هذا من الأمور التي يشترك في الدعوة إليه كل الإسلاميين , بل المقصود من العبارة السابقة ولو جاءت بلفظ الاطراد الجماعة والحزب ، الجماعات والأحزاب وحينئذ يقع المحظور المشاهد اليوم بين الجماعات والأحزاب كلها كما أشار أولئك الإخوان في شريطه المشار إليه آنفا ؛ وهنا يصدق عليهم جميعا قوله تبارك وتعالى : (( كل حزب بما لديهم فرحون )) ونحن نريدها حزبا واحدا كما قال الله تبارك وتعالى : (( ألا إن حزب الله هم الغالبون )) ومن ذلك قول الأخ عبد الرحمن ـ هدانا الله وإياه ـ في نفس الرسالة في الصفحة الخامسة والستين وبعد كلام ينقض بعضه بعضا في نظري ، قال جازما : " فلا يستطيع المسلمون أن يمارس تجارة ولا زراعة ولا صناعة ولا عملا إلا بأن يرتكب بعض الحرام مما فرضه الواقع المخالف للدين " وحينئذ أليس في هذا القول إقرار لواقع المسلمين اليوم الذين يتعاملون بكثير من المعاملات الربوية المنافية لقول الله تعالى : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) .؟ ثم أليس في هذا القول القضاء المبرم على رسالة الأخ عبد الرحمن التي سررت بها كثيرا حينما قرأتها وأمعنت النظر فيها ألا وهو : " القول الفصل في بيع الأجل " فإن أكثر التجار اليوم يتعاملون بهذا البيع ، لقد وجدت تناقضا بينا بين هذين القولين , وما إخال ذلك إلا أنه من آثار هذا التكتل الحزبي والعمل السياسي الذي يفرض عليهم أن يقعوا في بعض المخالفات الشرعية ؛ لذلك قيل بأنه لا يستطيع مسلم العمل إلا أن يرتكب بعض الحرام .
هذا ما أمليته , ثم أسمعني بعض الإخوان شريطا سجلت فيه أسئلة من أحد الإخوان السودانيين حول الرسالة المذكورة : " المسلمين والعمل السياسي " فيه قولي عن الأخ عبد الرحمن أظنه : أنه حرفته السياسة , فهذا القول أعترف به ؛ لأنني سمعته من صوتي وفي الشريط المذكور ما يؤيد ذلك , وفيما تقدم آنفا ما يلتقي معه ، وهذا لا ينفي عندي أن الأخ عبد الرحمن حفظه الله لا يزال معنا في الدعوة السلفية , وإن كان منشغلا بالعمل السياسي , وكل ما هناك إنما هو الخشية من الانحراف عنها ولاسيما وقد ظهر في الجو بعض النذر كما تقدم ، كما أنني لا أسمي الذين ينتقدونه في بعض تصرفاته وليس في عقيدته أنهم من الحاقدين والحاسدين للدعوة السلفية , ويحالون قطع الصلة التي بيننا وبين الأخ عبد الرحمن ، كيف ونحن جميعا سلفيون , ومن كمال دعوتنا والحمد لله التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولو اشتدت الناصح في أسلوبه أحيانا فأرجوا الله تبارك وتعالى لنا ولكل الدعاة الإسلاميين السداد والتوفيق لأقوم طريق .
الشيخ : وإن مما يحسن التنبيه عليه إلحاقا بما سبق الكلام فيه حول التكتل الحزبي والعمل السياسي أن الذين يقررون التكتلات والتحزبات القائمة اليوم في المجتمع الإسلامي أنهم جميعا لا يدندنون لا من قريب ولا من بعيد حول الحديث الصحيح باتفاق العلماء ألا وهو حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه الذي جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم من قوله : ( كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير .؟ قال : نعم وفيه دخن , قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا , قال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا , قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك ) .
أقول فإن في هذا الحديث تصريحا واضحا جدا يتعلق بواقع المسلمين اليوم , حيث أنه ليس لهم جماعة قائمة ولهم إمام مبايع , وإنما هناك كما ذكرت آنفا أحزاب مختلفة اختلافات فكريا ونظريا أيضا ، ففي هذا الحديث أن المسلم إذا أدرك مثل هذا الوضع فعليه حينذاك أن لا يتحزب , وأن لا يتكتل مع أي جماعة أو مع أي فرقة مادام أنه لم توجد الجماعة التي عليها إمام مبايع من المسلمين .
ولذلك فقد نص بعض المحدثين والحفاظ المتقدمين على ما يؤكد هذا الذي يدل عليه هذا الحديث وعلى ما بينته سابقا , كما نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في شرحه لهذا الحديث عن الإمام الطبري رحمه الله أنه قال : " وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدا في الفرقة ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر " .
فحينئذ يجب على السلفيين عامة أن يظلوا على دعوتهم في تفهم الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح يدعون كل الجماعات وكل الأحزاب إلى دعوتهم الحق هذه , ولا يتحزبون هم كحزب , ولا يقررون الأحزاب الأخرى , كما قد قرأنا من بعض السلفيين أنهم يقررون هذه التكتلات وهذه التحزبات خلافا لحديث حذيفة هذا المذكور آنفا ، ونحن حينما نقرر هذا الحقيقة نعتقد جازمين أن الذي ذكرناه آنفا شيء , وأننا لا نضلل ولا نكفر أي حزب أو أي جماعة يخالفوننا في بعض المسائل الفكرية أو في منهجنا في الدعوة ؛ فذلك لأننا نريد أن ينضم كل المسلمين إلى هذه الدعوة الحق التي لا بديل لها , لأنه هو الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وسار عليه المسلمون طيلة هذه القرون التي مضت ؛ ولذلك فنحن نقول :
" وكل خير في إتباع من سلف      وكل شر في ابتداع من خلف "
لا نريد لإخواننا السلفيين أن ينسوا خطهم المستقيم الذي كانوا يمشون عليه من قديم الزمان متأثرين بالحزبيات الأخرى , فنحن فوق الحزبيات , والله عزوجل معنا مادمنا مع كتابه وحديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم .
الشيخ : تفضل أنت .
السائل : بالنسبة للموضوع حساس , أعتقد أنه يمس كل مسلم في هذا الزمان ألا وهو موضوع البيعة , هل ترى أن البيعة فرض على كل مسلم يريد أن يلاقي ربه بوجه سليم وبقلب سليم وبعمل سليم ؛ وإن كان هذا فلمن تكون هذه البيعة في هذا الزمان ؟ .
الشيخ : هذا الذي كنت بدي أسألك عنه أنت تعرضت له ، البيعة لمن لمفقود أو موجود ؟ البيعة لمفقود غير واردة صح ؟ .
السائل : نعم .
الشيخ : البيعة لمفقود غير وارد , إذا البيعة يجب أن تكون لموجود ؛ فأين هذا الموجود الذي يجب أن يبايع من جهة , ويصدق عليه إذا لم يبايع هذا الموجود قوله عليه السلام : ( من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية ) أين هذا الذي ينبغي أن يبايع بناء على هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث .؟ لذلك من الخطأ البحث في أمر غير موجود ، هل يجب مبايعته أم لا ، إنما الواجب السعي لإيجاد المجتمع الذي ينبع منه الشخص الذي يجب مبايعته ؛ واضح هذا الكلام ؟.
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ، أنا أشعر بأن هذا الكلام على قلته جواب على سؤالك ؛ لكن من ناحية أخرى قد أشعر أنه أنت لم ترتوي من الجواب ؛ فالتحرير هذا يحتاج إلى أن يوضح ؛ فهات نشوف أنت , أنضح شو في عندك .؟ طبعت هذا الجواب طبعا .
السائل : لاشك أنك ...
السائل : طيب عظيم , العمل هنا من أجل إيجاد المجتمع الذي ينبع منه أو يوجد من خلاله هذا الشخص ، طبعا أنه من الصعب جدا في هذا الزمان وفي هذا الواقع أن نعالج ونسأل ونستفسر ونصطلح عن واقع لا يجوز , واقعنا صعب جدا ، كيف تعمل الآن لإيجاد هذا المجتمع ؟ الاتجاهات كثرت والحركات كثرت حتى إن الحركة الواحدة انفصلت في حد ذاتها إلى حركات كثيرة , صح .؟ فكيف تعمل .؟
الشيخ : مش صح مئة صح .
السائل : وكلهم يدعي أنه على حق , فأنا في الحقيقة أريد إيضاح من خلال النظر إلى واقعنا الحالي بالضبط وواقع البلاد الإسلامية والحركات الإسلامية ؟ .
الشيخ : هذا جوابك سيكون غريب شويه مبدئيا لكن ستجده صوابا ، تعرف امرؤ القيس شو قال لصاحبه .؟
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه  وأيقن أنا لاحقين بقيصرا
فقلت له لا تبكي عينك إنما    نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
شو رأيك بهذا الكلام الذي نبع من جاهلي .؟ هو عم يسعى وراء الملك الدنيوي لكن شوف شو يقول :
وإنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
إما أن نحصل الملك وإما الموت ونحن معذورين ؛ هذا كلام جاهلي وضعه في أمر دنيوي ، نحن نضعه في أمر ديني , أعني بهذا بشيء من التوضيح , نحن لا نستطيع أن نوجد , لا نستطيع أن نحل المشكلة التي أنت وصفت جانبا منها ، لما ذكرت الأحزاب والفرقة , وما ذكرت مثلا الدول المحيطة المستعمرة شيء مباشرة وشيء فكريا إلى آخره ؛ نحن ما نستطيع بعجزنا وبعجرنا وبجرنا ، ما نستطيع أن نحل المشكلة لكن علينا أن نسعى , وهنا الشاهد وعلى الله التمام , علينا أن نسعى لنرجع فكريا إلى ما قبل أربعة عشر قرنا ؛ إذا تصورنا ضعف الرسول وأصحابه من الناحية العددية والعددية , واستحضرنا أيضا قوة الدولتين العظيمتين يومئذ , واللتان تشبهان الدولتين العظيمتين اليوم فارس والروم ، هل كان يخطر في بال أحد أنه يمكن هذه القلة القليلة عددا وعددا أنها تنتصر على الدولتين العظيمتين ؟ هذا من حيث الحسابات المادية مستحيل ، صح أم لا ؟ .
السائل : نعم .
الشيخ : لذلك المسلم ما يحصر فكره فقط في الأسباب المادية التي يجب أن يأخذ بها ؛ لذلك أنا قلت علينا أن نأخذ بالأسباب ؛ أما القضاء على المشكلة ما هي باتخاذنا نحن الأسباب ، هناك شيء من وراء الغيب يأتي حتما لوعد الله الصادق حين قال : (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) فالخطأ الذي يقع فيه كثير من الشباب المسلم أنه يفكر تفكير غربي ، أي يفكر تفكير مادي أن هذه الأمة المتفرقة بعضها على بعض , والمسيطر عليها كما ذكرنا آنفا وهو معلوم لديكم , كيف يمكن هذه أن تعود إليها مجدها ؟
الجواب : (( إن تنصروا الله ينصركم )) ليس بقوتنا , وإنما بقوة الله عزوجل التي لا تقهر , ولكن هذا لا يعني أن نظل ضعفاء مادة ومعنا ، لا : (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) إذا المسألة سهلة وصعبة ، سهلة فيما إذا نحن أخذنا بالأسباب الكونية والشرعية ، ولا يهولنا بعد ذلك هذا العدد الضخم المعادي لهؤلاء المسلمين المتفرقين ؛ لأن التاريخ يعيد نفسه ، معنى هذه الجملة : (( سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا )) .
مما جاء في القرآن : (( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء )) الرسول هؤلاء فما بالك نحن ؛ لكن نحن علينا أن نأخذ بالأسباب ونتوكل على رب الأرباب ، ما نقعد نفكر بالأسباب نحن شو نقدر نساوي بالنسبة للدولتين العظيمتين هؤلاء .؟ نحن نقدر نقهرهم نقدر ننتصر عليهم .؟ لا ما نستطيع إذا ما اعتمدنا على أنفسنا ؛ أما إذا اعتمدنا على ربنا وعلى أحكام شريعته التي أمرنا بها لاشك أن الله عزوجل سينصرنا لأن الله لا يخلف وعده .
السائل : (( وكان حقا علينا نصر المؤمنين )).
الشيخ : نعم هذا هو .
الشيخ : ولذلك أنا عندي فكرة وضعت لها عنوانا نحن أكثر من عشر سنوات ، طريق الخلاص من الوضع الذي نحن فيه ، هو ما أعبر عنه بكلمتين لابد من التصفية والتربية .
السائل : التصفية والتربية ، تصفية ماذا ؟ .
الشيخ : تصفية الإسلام مما دخل فيه , والذي دخل فيه أكثر مما فيه.
السائل : يعني أعداء الإسلام من الإسلام ؟ .
الشيخ : لا ، إنما هو من المسلمين الجهلة , يعني تعدد الأسباب و تعددت الأسباب والموت واحد ، في شيء نبع من أنفسهم وفي شيء طرأ عليهم من أعدائهم , فأظن تبين لك ماذا نعني بالتصفية ، التصفية تعني تصفية العقائد التي دخلت في أفكار المسلمين , والإسلام بريء منها براءة الذئب من دم يوسف كما يقال , تصفية الأحاديث النبوية من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وما أكثرها ، ما تسمع خطبة في مسجد في إذاعة إلا وتجد فيها حديثا أو أكثر ضعيف أو موضوع ؛ تصفية الفقه الإسلامي مما فيه من آراء وأفكار بعضها نبعت من مجتهدي العلماء لكنهم غير معصومين , وبعضها صدرت من ناس ليسوا من أهل العلم وإنما مقلدين ؛ تصفية تصفية بعدين تصفية السلوك من الانحراف عن الكتاب والسنة ، والسلوك الصوفي مثلا الذي يزهد في الدنيا ويخالفوا مثل قوله تعالى : (( ولا تنس نصيبك من الدنيا )) .
وإن كان هذا الخطاب خلافا لما يظن كثير من المسلمين بسبب عدم دراستهم للقرآن الكريم ، هذا الخطاب ليس موجها من الله للمسلمين مباشرة , وإنما هو حكاية عن المؤمنين ، أتباع موسى قالوا لقارون ولا تنس نصيبك من الدنيا ، فهذا كلام المؤمنين ينصحون قارون , معروف هذا الذي كان من أغنى الناس في ذاك الزمان ؛ لكن هذا كلام حق , إلا أنه ينبغي أن نفرق بين أن يكون هذا الكلام خرج من الله موجها إلى المؤمنين مباشرة , وبين أن يكون الله حكاه عن المؤمنين ينصحون مثل قارون هذا , ومثل قوله تعالى : (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي )) كثير من الناس يتوهمون أن هذا كلام يوسف ، بينما هو كلام امرأة العزيز ، هي التي قالت وما أبرئ نفسي .
الشاهد فيجب التصفية والتربية ، تصفية الإسلام من كل ما هو غريب عنه ، وهذا يحتاج إلى جهود جبارة جدا , وأن يقترن مع هذه التصفية تربية المسلمين على هذا الإسلام المصفى .
الشيخ : الآن ما أظن في خلاف أن من مصائب المسلمين اليوم تكالبهم على الدنيا , بدليل أنهم ما يسألوا حلال حرام ، الربا يحاولون يغطوه بما يسمونه بالحيل الشرعية ، ومن هنا نبعت البنوك الإسلامية زعموا ، وهذه واجهة فقط ، ما في فرق بينها وبين غيرها إطلاقا , بل بعض من يتعامل مع البنوك يقول لك بعض البنوك التي ما هي واضعة الواجهة التي هي اللافتة ، ارحم ، أرحم من البنك الإسلامي ، البارحة يمكن سأل أبو محمد أخونا أنه يشتري بواسطة البنك الإسلامي .
السائل : هذا هو التحايل .
الشيخ : احتيال ربا مكشوف ، وهذا من أخطر ما دخل في الإسلام وهو الاحتيال على ما حرم الله بأدنى الحيل ، وقد حذرنا الرسول عليه السلام بطريق حكايته عن معاقبة الله عزوجل لليهود بسبب أكلهم الحرام وهم يعلمون لكن مع الاحتيال , قال عليه السلام : ( لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها ثم أكلوا أثمانها , وإن الله إذ حرم أكل شيء حرم ثمنه ) شو معنى الحديث ؟ في القرآن الكريم ما يشير إلى هذا الذي حرمه الله على اليهود قال تعالى : (( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم )) شو هي الطيبات التي حرمت عليهم ؟
يذبحوا الذبيحة الحلال ما يجوز ان يأكلوا الشحم ، كيف نحن نرمي الغائط الذي في الكرش ، إلا لازم يرموا الدهن وبس يأكلوا اللحم الأحمر , عقوبة من الله بسبب ظلمهم وقتلهم الأنبياء بغير حق ؛ ما صبر اليهود على هذا الحكم الإلهي ، هذا بيانه في الحديث الذي ذكرته آنفا ؛ ماذا فعلوا ؟ أخذوا هذه الشحوم وضعوها في القدور الحلل الضخمة الكبيرة ، أوقدوا النار من تحتها , سالت , أخذت شكلا غير الشكل الطبيعي ، هذا هو الاحتيال ؛ فبهذا زين لهم الشيطان أن هذا ما بقى شحم ، هذا غير الشحم الذي الله حرمه ؛ فباعوه من قبل كانوا يرموه ، هيك الله حكم عليهم , فباعوه وأكلوا ثمنه قال عليه السلام : ( وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) .
وقصة السبت مذكورة في القرآن ما تخفى على المسلم , ما اصطادوا يوم السبت ، يوم حرم الله عليهم العمل , لكن وضعوا السدود وحبسوا السمك ليجدوا الخلجان يوم الأحد تغلي غليانا من السمك ؛ المسلمون اليوم وقعوا في مثل هذا في جوانب كثيرة وكثيرة جدا ، ظاهرة مكشوفة في البنوك الإسلامية , وكل يوم تطلع فتاوى لاستباحة ما تفعله البنوك من أكل أموال الناس بالباطل ، هذا لا يمكن ربنا عزوجل ينصر المسلمين وهم في هذا الوضع من الاحتيال مما حرم الله عزوجل ؛ فإذا كلمتان لابد من التصفية والتربية ، كثير من الناس صالحون يقومون الليل والناس نيام , لكن لا تقبل صلاتهم وعبادتهم لأنه على خلاف السنة ، وفي السنة الصحيحة في البخاري ومسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) نحن نعرف بعض الجماعات الإسلامية يجتمعوا كل يوم جمعة ويحيوها , في سرايا عندهم ، تجتمع هذه السرايا ليلة الجمعة ويتعبدوا ، هذا جهل لأن الرسول يقول : ( لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام ولا نهارها بصيام ) فإذا هذه الأفكار تحتاج إلى نظر من جديد , وإقامة السنة الصحيحة مقام هذه الأفكار الدخيلة في الإسلام ؛ وهذا بحث طويل وطويل جدا , لكن عنوانه لابد من التصفية والتربية ، اليوم تصفية لا يوجد إلا في أفراد في العالم الإسلامي ، وأنا أعتقد أنه يجب أن يكون هناك ألوف مؤلفة من علماء المسلمين منتشرين في هذا البحر الإسلامي , يدعون المسلمين ليلا نهارا للرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أن يعنى بالأطفال بتربيتهم منذ نعومة أظفارهم على هذا الإسلام المصفى ؛ وحينئذ يستقيم المسلمين على الجادة (( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله )) أما بقاء كل شيء على قدمه واترك القديم على قدمه ...
السائل : بالنسبة يا شيخنا الجهود يعني الكلام عن جهود العلماء كم من العلماء , لكن أسلوب الدعوة كيف سيكون العلماء , في ناس يقولوا نحن نكون ضمن جماعة مثلا ، أنا بعرف أنه في الزمن السلف مثلا من التاريخ الإسلامي ما كان في حركات إسلامية تعمل , والله في حركة فلان وحركة فلان وحركة فلان , فعلا كان أسلوب علماء هم الذي ينشروا وعلى أكتافهم قامت الدعوة في أكثر من مكان ؛ فكيف ؟ .
الشيخ : التحزب هو ينافي الإسلام ويفرق المسلمين , وإن كان فيه قوة يبددها ويضعفها ؛ لأن الله عزوجل قال : (( كل حزب بما لديهم فرحون ).
السائل : كيف تكون هذه الجهود وكيف ستستثمر هذه الجهود ؟ .
الشيخ : ما بدها كيفية ، كل إنسان بعلمه يدعوا الناس إليه , دون تحزب لشخص معين أو جماعة معينة كما أنت تباحث كيف كان الأولون , لهذا نرى الكلمات المأثورة :
" وكل خير في اتباع من سلف      وكل شر في ابتداع من خلف "
لم يكن في الزمن الأول تحزبات وتكتلات بين المسلمين ؛ فيجب أن يستمر الأمر كذلك , فيتعاون المسلمين جميعا كلهم في حدود اختصاصه في الدعوة للإسلام والعمل به دون تكتل حزبي .
السائل : معنى هذا أنه لا يشترط أن الإنسان يتبع جماعة معينة ممكن العمل بنفسه .
الشيخ : مش معناه لا يشترط لا يجوز ، ليس فقط لا يشترط لأنه معنى لا يشترط يجوز , بينما نحن نقول لا يجوز .
السائل : المنظمات الإسلامية قد يكون لها دور في موضوع مثل هذا ؟ .
الشيخ : كيف ؟ .
السائل : المنظمات الإسلامية قد يكون لها دور يعني .
الشيخ : تقول لها دور في أيش ؟ .
السائل : قد يكون لها دور في موضوع مثل هذا , الذي هو التصفية والتربية .
الشيخ : لا ، لأنه لو كان كذلك ما كانوا كذلك ، لو كان لهم دور في التصفية والتربية لكان , البدل من التصفية هو عدم التكتل وعدم التحزب ؛ ونحن عشنا نصف قرن من الزمان وشفنا تكتلات وتحزبات , وما زاد المسلمين منها إلا زيادة الفرقة واختلاف ، هذه جهة , من جهة ثانية هذا التكتل والتحزب صرفهم عن التصفية ؛ لأنه شو معنى التصفية ؟
معناها العلم الصحيح ، العلم الصحيح بالكتاب والسنة ؛ والإنسان طاقته محدودة لما يحشر حاله في منهج معين ينصرف عن منهج ثاني ، الآن أضرب مثال أنه كون الإنسان اختص بالطب , لا بأس بهذا جائز ، لكن هو ما يستطيع أن يختص بباب الشريعة ، لازم يختص بالشريعة التي لم يختص بالطب ؛ لكن في النتيجة عندنا اختصاصات , في النتيجة لازم كل هؤلاء يكونوا كتلة واحدة .
السائل : في بوتقة الإسلام .
الشيخ : أيوه بوتقة واحدة ... .
السائل : موضوع الكتاب والسنة الحقيقة هذا موضوع كثير أثار النقاش والجدل حتى , يعني بعض الإخوة في الساحة الإسلامية يقول صحيح أنا آخذ من الكتاب والسنة ، آخذ الكتاب والسنة كما قال أو كما فسرها أحد الأئمة  على سبيل المثال حسن البنا رحمه الله تعالى .
الشيخ : من ؟ .
السائل : حسن البنا , أخذ من الكتاب والسنة , تجد في أتباعه الآن , يعني سمعنا هناك أن من يقول أنا لا آخذ إلا كما قال حسن البنا تماما ؛ يا أخي طيب عد إلى الكتاب والسنة في الأخير يأخذ الكتاب والسنة ، فبالتالي أنا آخذ من الكتاب والسنة , وكثيرون يقولون هذا الكلام ، فتتضاعف الساحة ، طيب كلكم تأخذون بالكتاب والسنة , فأول شيء يتقاتلوا مع بعض , طيب أين الكتاب والسنة ؟ .
الشيخ : لماذا يتقاتلون ؟ لأنهم متحزبين , مش عايشين في بوتقة واحدة ، بعدين حسن البنا على الكتاب والسنة ؟ الكتاب والسنة هذه كلمة قليلة الألفاظ لكن يدخل فيها حياة المسلم كلها في كل نواحي الحياة ؛ الكتاب والسنة , وهنا يرد:
" وكل يدعي وصلا بليلى   وليلى لا تقر لهم بذاك "
حسن البنا أولا ليس رجل علم إنما هو رجل دعوة ، ونفع الله به الشباب المسلم حيث أنقضهم من القهاوي والسينمات و و إلى آخره ، هذا لاشك ولاريب فيه ؛ لكن أين كتب حسن البنا الذي تدل على علمه ؟ أبوه الذي اسمه عبد الرحمن له بعض الكتب تدل على علمه , لكن ابنه حسن البنا ما له إلا بعض الرسائل الصغيرة ، هذه الرسائل الصغيرة كمنهج لدعوته يعني , لكن لا تدل على أن الرجل كان عالما ؛ فالذي يقول أنا على الكتاب والسنة وعلى منهج حسن البنا , هذا دليل على أنه مغمض عيونه ومستسلم لهوى الحزبية العمياء أن حسن البنا ؛ طيب حسن البنا له رسالة صغيرة الأذكار , اسمها المأثورات , صغيرة جدا ما أدري أنت شفتها أم لا ؟.
السائل : نعم رأيتها .
الشيخ : أحد كبار الإخوان المسلمين في الشام عرض علي تخريج هذه الرسالة وطبعها طبعة بهذا التخريج العلمي ؛ لأنه هو يثق بي كرجل مختص في علم الحديث ، قلت له أنا أفعل ذلك , لكن أنا أخشى أن تضيع جهودي سدى ؛ قال لماذا ؟ قلت له الآن أنت عاطفتك العلمية والدينية هي التي تحملك على هذا الاقتراح أنه أنا أخرج رسالة حسن البنا ؛ لكن من الناحية الحزبية ما يمشي الحال ؛ لأن جماعة الإخوان حينما يقال لهم : هذه رسالة حسن البنا بتخريج الألباني , سيحكمون بالإعدام على هذا التخريج ؛ لأنه يعظم عليهم ويكبر عليهم جدا أن رسالة للبنا بتخريج الألباني ، لماذا ؟
لأنه في تعصب ، في تحزب على عماها , ومثل الرجل كان غافل نايم واستيقظ , وما عطس بالمرة ما أدام علي شيء كذا إلى آخره ؛ يعني كان بده إياه من الله هذه التنبيه هذه ، وما طبعت الرسالة إلا كما وضعها حسن البنا رحمه الله ؛ شو هذه الرسالة ؟ حاط كم كتاب من كتب العلماء القدامى , ومنتقي بعض الأحاديث في الأذكار والمأثورات حسب ما يبدوا له , مش حسب القواعد العلمية الحديثية , لأنه هو ما هو من أهل الحديث ، أبوه بعض الشيء من أهل الحديث , لكن هو ليس كذلك , بينما أحمد شاكر مصري أيضا هذا رجل إمام في هذا العلم ؛ لذلك فحسن البنا المأثورات هذه انتقاها كيفيا مش علميا ؛ فمع ذلك تجد الناس متعصبين لحسن البنا ، ما جاء هذا التعصب عن علم أبدا , وإنما عن حزبية عمياء وأنا قلت من مدة قريبة , تشوف كبار الإخوان المسلمين قطعوا العلاقة بينهم وبين الرسول عليه السلام , وربطوا علاقتهم بحسن البنا ، وهذا ظاهر , لماذا ؟
هذا مثلا هذا الرجل الذي ابتلي خففوا له لحيته ، كانت لحيته جليلة بمن تشبه بحسن البنا ؟ لا ، حسن البنا لحيته أقصر من لحيته الآن شايف , فتجد الإخوان المسلمين المتدينين منهم , والذي ما بدهم يحلقوا لحاهم يربوا لحية قصيرة , ويحطوا جرافيت ، صورة طبق الأصل عن حسن البنا ، يا جماعة وينكم , وين الرسول الذي هو القدوة , وهو الذي قال ربنا في القرآن الكريم في حقه : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) لذلك هؤلاء ما يعرفوا حياة الرسول ؟ .
السائل : لمن أسوة حسنة ؟ .
الشيخ : نعم بارك الله فيك : (( لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر )) فلذلك انقطعوا عن الرسول عليه السلام بسبب انصرافهم عن دراستهم السنة وانشغالهم بين السياسة والاجتماع والاقتصاد والهتافات التي ما تحتها إلا الصياح .
ترك الإخوان المسلمين خذ شباب محمد أبعد وأبعد ، دينهم الألعاب الرياضية وكرة القدم وكرة السلة وما أدري هناك كرات أخرى ؛ يا ليت تكون هذه في سبيل تمسك بسنة وتقوية البنية لأن الرسول عليه السلام يقول : ( المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) ليس من الآداب الإسلامية أولا أن المسلم يتشبه بالكافر ـ اشرب بيدك اليمين ـ يتشبه بالكافر ، ليس من الآداب الإسلامية أنه يكشف عن فخذه ، ليس من الآداب الإسلامية أن يلبس لباس الكشافة اليهودية الأصل ، كشاف ما يصير إلا أن يكون كاشف عن فخذه ؛ أيش هذا التقليد ؟ تقليد مصداق لقوله عليه السلام في خصوص الجهلة من المسلمين : ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ).
السائل : عفوا شيخنا معليش استطراد بسيط , قرأنا في الأحاديث في الماضي أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم كشف عن فخذه , ولما دخل عليه الصحابة أبو بكر وعمر ثم لما دخل عثمان وضع رداءه ، ألا يؤخذ من هذا جواز الكشف عن الفخذ ؟ .
الشيخ : أولا الحادثة هذه لا يبنى عليها نظام حياة بارك الله فيك ، هذه حادثة تقف عند موضعها ، نحن عم نتكلم عن الحياة الاجتماعية العامة التي يجب أن يعيشها الشباب المسلم ... يعني الرسول عليه السلام حينما كان يجلس مع أصحابه ويسافر معهم ويصلي معهم كان مكشوف الفخذين .؟ طبعا الجواب لا ، هؤلاء مكشوفين ويصلوا هيك , وخاصة أثناء اللعب وإدراك الوقت لهم بدهم يصلوا ، وهذا من العلم الذي يجب إحياءه ، الرسول عليه السلام يؤخذ منه منطلقه في الحياة ، أما ما يقع منه نادرا فيمكن هذا أن يكون له سبب أو مناسبة اقتضت خروج الرسول عن عادته الغالبة ، وهذا مثالنا الآن ؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم حاشاه أن يكون يعيش بين أصحابه ويدخل المسجد ويجلس في أي مكان سفرا وحضرا وهو كاشف عن فخذه ؛ نعم هذه قصة وقعت بلاشك لكن من الناحية الفقهية هذه لا تدل على أن المسلم يجوز له أن يعيش في حياته العامة كاشفا عن فخذيه ، هذه قد تدل ولا تدل أنه في ظرف خاص مثل ذاك الظرف الذي كان الرسول جالسا يتبرد ؛ فأنت تعرف أنه كان عليه السلام مدلي رجليه في البئر , وجو المدينة جو حار فيتبرد , وكاشف عن ثوبه , رافع ثوبه ومكشوف شيء من فخذه ، هذا لا يمثل حياة الرسول عليه السلام إنما يمثل تلك الواقعة ؛ مع ذلك تأتي هنا ناحية علمية أنه إذا الرسول عليه السلام فعل فعلا , وهو بين شريعة الله لأمته على خلاف فعله , وبتعبير الفقهاء إذا تعارض قوله وفعله فأيهما المقدم ؟
قال أهل العلم : القول مقدم على الفعل ؛ لأن القول تشريع عام ، الفعل ممكن يكون لعذر ممكن يكون خصوصية ، ممكن يكون قبل مجيء الشرع , يعني مثلا عندنا حديث أن الرسول خطب في الناس وهو لابس خاتم ذهب ، نقول الآن أن خاتم الذهب جائز لأن الرسول لبسه ؟ لا ، هو لبسه في وقت كان مباحا ؛ حدث فعلا , وتعرفوا كمان أن كبار الصحابة كانوا يشربون الخمر , وفي قصة غريبة جدا ليست معروفة عند الناس وهي في صحيح البخاري , أنه كان الصحابة مجتمعين في دار وهم سكارى لما جاء علي وبرك الناقة أمام الدار , خرج عمه حمزة فبقر بطن الناقة ، ولما شاف علي الحالة هذه جن جنونه , وركض عند الرسول عليه السلام وحكى له القصة ، جاء الرسول عليه السلام إلى عمه حمزة فأنكر عليه ذلك ؛ فماذا كان موقف حمزة ؟ قال كلمة لو قالها بعد تحريم الخمر لكفر , وخرج عن الملة والدين ، قال له : " هل أنتم إلا عبيد لآبائي " حمزة بقول لابن عمه وإلى نبيه : " هل أنتم إلا عبيد لآبائي " لماذا ؟ لأنه مش واعي ، سكران ؛ هذا كان في دور من تاريخ الإسلام التشريعي ؛ لذلك إذا جاء قول عن الرسول عليه السلام يخالف فعله فالاعتماد على القول لأنه شريعة ؛ أما الفعل فيترك له عليه السلام ؛ إما من طريق العذر , وإما من طريق خصوصية , وإما من طريق أنه كان قبل القول قبل التشريع كما في قصة الخمر ونحو ذلك .
فمن هذا القبيل كون الرسول عليه السلام كان جالسا على طرف البئر ومدلي رجليه لما دخل أبو بكر ثم دخل عمر وهو لم يغير وضعه حتى دخل عثمان فبادر , وقالت له السيدة عائشة : دخل فلان وفلان وما غيرت من وضعك , لما دخل عثمان بادرت فألقيت عليك ثوبك ؟  قال : ( ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة ) فهذا يمكن أن يكون قبل أن يقول عليه السلام : ( الفخذ عورة ) ويمكن يكون بعد ذلك لكن له عذر ، ويمكن يكون ما في عذر وتكون هذه خصوصية له ؛ فعلى كل حال أنا كان بحثي بالنسبة لبعض الجماعات الإسلامية كيف أنهم يعيشون حياة لا صلة بينها وبين الإسلام ؛ شو السبب ؟ لأنهم ما درسوا الإسلام ، أنا لا أعني أن كل فرد من أفراد المسلمين ؛ لازم يكون عالم , ولازم يقوم بواجب التصفية ، لا ، هذا يحتاج إلى أهل الاختصاص ، فأين أهل الاختصاص يا جماعة هؤلاء حتى تتربى الجماعة على هذا الأساس من التصفية .
الشيخ : فتأتي مثلا لحزب التحرر الإسلامي الذي يريد يقيم الدولة المسلمة ، شوف حسن البنا يقول كلمة كأنها وحي السماء , لكن مع ذلك جماعته ما يطبقوا هذه الكلمة ، يقول لجماعته : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم " حزب التحرير ما يعرج على هذه الحكمة إطلاقا ، يقولوا لك : بدنا نقيم الدولة وبعدين الدولة تصلح الشعب ، سبحان الله ! هذا عكس المنطق وعكس السنة ، الرسول عاش سنين طويلة وهو يربي الأفراد القليلين , حتى أوجد النواة والأساس للجماعة المسلمة ، وكذلك يدخل هذا البحث في موضوع : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) ولذلك تجد أفراد حزب التحرير كجماعة وإلا كل جماعة في ناس طيبين ومخلصين إلى آخره ؛ لكن كجماعة بعيدين كل البعد عن تطبيق الإسلام المعروف أنه الإسلام ، أنا أتسامح وأتساهل عن تطبيق الإسلام المعروف بأنه إسلام ؛ أما تطبيق الإسلام المصفى فأين هم وأين هو .؟
الشيخ : كتب تقي الدين النبهاني رحمه الله ممتلئة بالأحاديث الضعيفة والتي لا أصل لها , وعليها أقام فكره وأقام حزبه , حتى قال في تفسير الحديث السابق : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) أي : لا طاعة لمخلوق , يعتقد هذا المخلوق حينما يأمر بمعصية أنها معصية ، أما إذا كان هو أداه اجتهاده أن هذه ليست معصية فيجب إطاعته ؛ ومن هنا فرضوا على كل فرد من أفراد الحزب إطاعة أميرهم , والاستسلام له , وعدم تحكيم العلم الذي هو الكتاب والسنة لأنه هيك رأي الأمير واجتهاده ؛ وأنا جرى نقاش بيني وبينهم يعني نقاشات كثيرة وكثيرة جدا , ومنها كان جمعني سجن بالحسكة في سوريا مع نحو خمسة عشر واحد منهم , فضربت له المثال الآتي .
أبو ليلى : في السجن هذا شيخنا ؟ .
الشيخ : نعم ، لواحد منهم متحمس جدا قلت له : ما رأيك في قوله عليه السلام : ( كل مسلم خمر وكل خمر حرام ) ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) .؟ قال هذا حديث صحيح وأنا مؤمن به ؛ قلت له : وما قولك ألا يوجد في بعض الأئمة ، أئمة المسلمين القدامى المجتهدين يقول أن الخمر المحرم قليله هو المستنبط من العنب فقط ، أما الخمور المستنبطة من الأشياء الأخرى فما يحرم منها إلا ما يسكر .؟ يعني لو شرب كأسين ثلاثة كبار , وبقي محتفظ بشعوره هذا حلال ؛ لكن آخر مصة يمصها ويسكر هذه حرام ، قلت له : شو رأيك لما يقولوا هيك ؟ قال : أينعم .
الطالب : هذا قول النصارى في الخمر يقولوا .
الألباني : ما تقول قول النصارى ، هذا قول بعض المسلمين كبار علماء المسلمين ؛ المقصود قلت له : فلو ربنا ابتلى المسلمين بأمير حاكم ويتبنى هذا الرأي ماذا تفعل أنت ؟ قال أطيعه ، يطيعه وهو يعتقد أن هذا حرام ؛ لماذا ؟ لأن الحزب قال له : إذا كان الأمير ما يعتقد أنه حرام فهو لا يأمرك بمعصية ؛ فحولوا الحديث : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) لا طاعة لمخلوق يأمر بمعصية وهو يرى أنها معصية ؛ أما إذا كان هو لا يرى أنها معصية فعليك الطاعة ؛ هذا كله نسف للإسلام باسم الإسلام , وباسم إقامة دولة الإسلام , والله المستعان .
السائل : شيخنا السؤال : الذي أنهم يتهموننا على تسمية السلفيين ، يقولوا إن هذا الاسم تفرقة , وأنه ما ثبت بالسنة .؟
الشيخ : يقولون تفرقة وأيش ؟ .
السائل : ما ثبت بالسنة التسمية أنا نقول نحن سلفيون ، ونحن جماعة السلفيون في الجزائر طائفة قليلة , ونحن نحب هذا الاسم لأنه كما تعلمنا أنه على منهج السلف الصالح .؟
الشيخ : وهم إلى ماذا ينتسبون ؟ .
الجزائري : ينتسبون إلى المنهج الحركي وينتسبون إلى جماعة التبليغ .
الشيخ : فإذا ما الفرق بيننا وبينهم ؟ .
الجزائري : نعم .
الشيخ : ما الفرق بيننا وبينهم في ظنهم ؟ .
الجزائري : في ظنهم أننا نحن خالفنا المنهج .
الشيخ : اسمع يا أخي هنا في قضيتين : القضية الأولى أنه نحن في دعوتنا السلفية نفرق ؛ والقضية الأخرى أن هذا الاسم مبتدع ليس له أصل ؛ الآن إذا تركنا القضية الأولى جانبا وأخذنا القضية الثانية أولا ، سنبين لهم أنهم يلتقون معنا في اتخاذهم اسما يلقبون أنفسهم به ، يتميزون بهذا اللقب على سائر المسلمين , والجماعات الإسلامية الموجودة اليوم في الساحة كما يقولون ، هي من أشهرها جماعة الإخوان المسلمين , ثم جماعة الحزب الإسلامي , ثم جماعة ـ عفوا حزب التحرير الإسلامي ـ ثم جماعة التبليغ , وأخيرا اليوم جماعة التي كانت من قبل تعرف بجماعة التكفير والجهاد ، فالآن رفعت كلمة التكفير واقتصرت على كلمة الجهاد ؛ كل هذه الأسماء لم تكن معروفة من قبل , ونحن نقول بصراحة , أيضا نحن حينما ننتسب إلى السلف والمنتسب إلى السلف يكون سلفيا ، والجماعة المنتسبة إلى السلف يكونوا سلفيين لا ننكر أن هذه التسمية لم تكن من قبل ؛ ولكن لماذا ينقمون علينا ما هو واقعين فيها ؛ لكن نحن نفترق عنهم كل الافتراق في هذه التسمية , ونصر عليها , ولا نرضى بها بديلا في العصر الحاضر على الأقل ؛ لأنها تدل على المنهج الصحيح الذي يجب على كل مسلم أن يسلكه , وليس كذلك بقية الأسماء التي أشرنا إليها آنفا ؛ فكل منها لا تدل على منهج المنتسبين إليها ، خذ مثلا جماعة الإخوان المسلمين فهم ينتسبون إلى جماعة في العصر الحاضر , ونحن ننتسب إلى جماعة في العصر الغابر , وشتان بين النسبتين , وكما قيل : نحن ننتسب إلى السلف الصالح الذين زكاهم الله عزوجل في كتابه , وأثنى عليهم نبينا صلى الله عليه وسلم في حديثه , وأمرنا في بعض الأحاديث الثابتة عنه أن نتمسك بهديهم ؛ أما الإخوان المسلمين فمن هي الجماعة التي هم ينتسبون إليها ؟ هنا نقول : " فحسبكم هذا التفاوت بيننا    وكل إناء بما فيه ينضح "
إذا تركنا الإخوان المسلمين جانبا كاسم ومنهج , وانتقلنا إلى حزب التحرير , أيضا إلى من ينتسب هذا الحزب ؟ إلى رجل , الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله وغفر لنا وله ، وأنا التقيت به وأعرفه ، وأعرف أن منهجه لم يكن على الكتاب والسنة ، والتقيت أنا معه مرتين جرى نقاش بيني وبينه ، والآن لا مجال للخوض في حكاية ما جرى , لكنه لم يكن على الكتاب والسنة , بل ولم يكن على مذهب من المذاهب المتبعة سواء في العقيدة أو في الأحكام ؛ ففيما يتعلق بالعقيدة فلا تعرفه هل هو سلفي العقيدة أي على منهج السلف الصالح ومنهج أهل الحديث , ولا تعرفه هل هو ماتريدي أم هو أشعري ، هذا في العقيدة ؛ وما يتعلق بالأحكام فما تعرفه هل هو شافعي أم حنفي أم مالكي أم حنبلي ؛ بلى أنا أعرفه أنه ليس من هؤلاء ولا من هؤلاء ولا من هؤلاء ، ذلك لأنه يأخذ من كل مذهب ما يناسب العصر في ظنه ، وهذا ما سمعته منه مباشرة ؛ إذا إن كان الذين ينكرون علينا هذا الاسم من حزب التحرير , فلينكروا انتسابهم هم إلى حزب التحرير ؛ وكذلك نقول في بقية أسماء الجماعات المعروفة اليوم , فإنها كلها لا تعطي لهذه الأسماء منهجها , ولئن أعطت منهجا لها فلا تعطي أن منهجها على الكتاب وعلى السنة كما هي الدعوة السلفية الصريحة في دعوتها إلى الكتاب وإلى السنة .
هذا ما يتعلق بالأسماء , وتمام هذا الكلام أن نتذكر أن هذه الأسماء لا يترتب أي خطر على المسلم فيما إذا تبرأ من أي اسم من أسماءها , وليس كذلك من تبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ؛ لأن هذا إن كان يدري ما يقول فإنه يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين , لأن السلف الصالح على رأسه نبينا صلوات الله وسلامه عليه ثم أصحابه ثم التابعون لهم ثم أتباعهم ، وهذا ما صرح به الرسول عليه السلام في الحديث المشهور حديث الفرق حينما قال : ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة , وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة , وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة ) قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي التي على ما أنا عليه وأصحابي ) فدعوتنا قد يلتقي مع قسم منها كل الجماعات الإسلامية التي ذكرنا آنفا بعض أسماءها وما لم نذكر منها ؛ فكل من ينتمي إلى الإسلام لا يسعه أن يقول بصراحة أنا لست على الكتاب والسنة , لأنه إن قال ذلك فقد خرج من دائرة الإسلام ؛ لكن هل يكفي في هذا الزمان أن ينتسب المسلم إلى الكتاب والسنة فقط .؟
والحديث السابق أجاب بكل صراحة بأن من علامة الفرقة الناجية أن تكون على ما كان عليه الرسول وأصحابه ؛ فلم يقل عليه الصلاة والسلام في الجواب المحدد لصفة الفرقة الناجية أنها التي تكون على ما كان عليه الرسول فقط ، وإنما ضم إلى ذلك : ( وأصحابي ) فقال : ( ما أنا عليه وأصحابي ) .
ويؤيد هذه الضميمة قوله تعالى في القرآن الكريم : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) الله عزوجل ذكر مع الرسول هنا المؤمنين ، فقال : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) كان من الممكن أن يقول الله عزوجل : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى )) (( نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) ولكنه لحكمة بالغة عطف على الرسول فقال : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ما الحكمة من هذا العطف ؟ الحكمة واضحة جدا ، ذلك لأن المؤمنين يشرحون لنا ما كان عليه الرسول عليه السلام من قول أو فعل أو تقرير ؛ فهم كانوا أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم صلة , وأقربهم وأصدقهم إليه فهما وهكذا ؛ ولذلك لا يجوز للمسلم أن يقتصر على الانتساب في هذا الزمان إلى القرآن وإلى السنة ، هذا الانتساب يكفي في عهده عليه السلام ؛ أما فيما بعد ذلك حيث دخلت الأفكار الغريبة والآراء الباطلة في الإسلام , باسم الإسلام , تارة باجتهاد وتارة بسوء قصد , فوصل إلينا الإسلام على هذا الاختلاف في العقائد وفي الأحكام وفي الأخلاق وفي السلوك , فاختلف المسلمون اختلافا كثيرا , فلا يكفي اليوم المسلم أن ينتمي في فهمه للإسلام إلى الكتاب والسنة فقط , بل لابد أن يضم إلى ذلك ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ؛ هذه دعوتنا نحن السلفيين .
فنعود إلى قولهم الذي نقلته آنفا عنهم أننا نفرق ، من نفرق ؟ إن كنا نفرق بين الحق وبين الضلال فهذا واجبنا ، وإن كنا نفرق بين المحق والضال فهذا واجبنا ؛ فإذا هم عليهم أن يحددوا كلامهم حينما يتهمونا بأننا نفرق , ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو نفسه فرق , بل القرآن المبين الذي أنزل الله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام من أسمائه الفرقان ، لماذا ؟ لأنه يفرق بين الحق والباطل ، ومن أسماء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء صحيح البخاري المفرق ، المفرق من أسماءه عليه الصلاة والسلام المفرق ، وهذا شرف كبير له , ذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل ، ويفرق بين المسلم والمشرك ، وبين المؤمن والمنافق ، ونحو ذلك ؛ فإذا كلمة التفريق قد تمدح وقد تقدح ، ولذلك فلا يجوز أن تطلق هذه الكلمة على سبيل المدح مطلقا , كما لا يجوز أن تطلق على سبيل القدح مطلقا .
الشيخ : هذا يشبه كثيرا من المسائل التي تتعلق بالعقيدة ، وهذا مما استفدناه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بحق رحمه الله حينما يناقش علماء الكلام وعلماء التأويل الذين أنكروا بعض الصفات الإلهية , والتي منها استواء الله تبارك وتعالى على عرشه وعلوه على خلقه , حيث يقول المعطلة أو على الأقل المؤولة , يقولون إن الله عزوجل ليس في مكان ، إن الله عزوجل ليس له وجه ؛ يقول ابن تيمية في مناقشة هؤلاء : نحن لا نقول إن لله مكانا أو إن له جهة كما أننا لا ننفي المكان عنه ولا الجهة , وإنما ننظر إلى النافي والمثبت ، ننظر إلى كل منهما ماذا يعني إذا أثبت المكان أو الجهة ، أو ماذا يعني إذا نفى المكان أو الجهة ؛ فإن كان ما يعنيه هذا أو ذاك مطابقا للكتاب والسنة قبلنا معناه ورفضنا لفظه ، لأن اللفظ لم يرد ؛ فمن قال إن الله عز وجل ليس له جهة ، إن كان يعني ليس له جهة من الجهات الستة مطلقا كما هو طبيعة الإنسان لابد أن يكون في جهة ، فهذا قد يقال إلا أن ينفي إلا إذا نفى أن يكون الله عزوجل في جهة العلو حينئذ نقول له أبطلت , لأنك نفيت ما جاءت نصوص الكتاب والسنة متواترة على إثباته وهو ارتفاع الله عزوجل على عرشه وعلوه على خلقه ؛ وإن عنيت بالنفي أن الله بحاجة إلى الجهة وإلى المكان قلنا نحن معك , لأن الله هو الغني عن العالمين , لكن هذا لا يعني أنه ليس له صفة العلو ؛ فإذا كلمة تقال تارة لها معنى صحيح , وتارة لها معنى غير صحيح .
فالآن الذين يذموننا ويقولون إنكم تفرقون , نسألهم نفرق بين ماذا وماذا ؟ نحن دعاة إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح فهل أنت معنا ؟ فإن قال أنا معكم إذا نحن ما فرقنا ؛ وإن قال لا أنا لست معكم ، إذا أنت افترقت عنا ؛ هذا جواب ما سألت آنفا ؛ نعم .
السائل الجزائري : بالنسبة لبعض الدعاة في مدينة وهران اتهمونا بأننا لا نخرج معهم للتجمع أو للمسيرة أننا نحن كفار أو فاسقون .؟
الشيخ : طيب يا أخي هذا ليس له علاقة بالعلم ، يتهموننا فهذه سنة الله في خلقه , نحن ندعوا إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ؛ فالرد عليهم سهل , فهل أنتم تدعون إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ؟ فإن قالوا نعم , فإذا ما الفرق بيننا وبينكم ؟
أنا أقول الفرق أنهم تكتلوا وتحزبوا وفارقوا المسلمين بتكتلهم ، فمن كان معهم في حزبهم فهو مسلم , ومن كان ليس معهم فهو ليس كذلك ، إذا هم الذين فارقوا مادام نحن منهجنا الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح , فليقولوا ما شاءوا بعد ذلك ؛ لكن المهم أن تعارضوهم , هم يتهمونكم بهذه التهمة ، طيب أنتم معنا في الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ؟ أينعم ، إذا لماذا تقولون نحن منافقون أو خارجون أو ما شابه ذلك ؟
فالمسألة هذه ليس لها تلك الخطورة ؛ لأن مثل هؤلاء الأفاكين الكذابين الذين يكذبون ويفترون , هؤلاء لا حيلة لنا معهم سوى أن نكل أمرهم إلى الله عزوجل ، ونقول أولا كما روي عن بعض الأنبياء السابقين حينما حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا ضربه قومه وهو يقول : ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) فنقول هكذا أو نقول إذا كانوا مصرين على ضلالهم , فينتقم منهم كما ربنا عزوجل يشاء .
الشيخ : يقرأ الشيخ رحمه الله : (( بسم الله الرحمن الرحيم . ن والقلم وما يسطرون ... )) إلى آخرها .

الشريط بصيغة mp3 

المصدر : ( من هنا )

العودة إلى قائمة الأشرطة

0 التعليقات:

إرسال تعليق