السبيل إلى العزة والتمكين

تفريغ الشريط رقم 198 من سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني رحمه الله

الشيخ : ... ألف وثلاثمائة معناه سبعين , إذا قلنا ثمانين والآن فوق المائة وثمانية .
أبو ليلى : عشر سنوات .
الشيخ : ألف وثلاث مئة وثلاثة وسبعين معناه عشرين سنة .
أبو ليلى : نعم ما شاء الله .
الشيخ : بهذه الثمان وعشرين سنة إنسان يتعلم ، إنسان يطلع على ما كان لا يعلم فيتغير ؛ الإنسان في تطور ، أناس يتعجبوا ليش أنا في كتاب أصحح وفي كتاب أضعف ، يظنوا أن العلم جامد ؛ أقول لهم يا جماعة العلم لا يقبل الجمود , ولذلك فأنا في دراسة مستمرة أحط هوامش و أصحح و و إلى آخره ، فأنا يسرني أن واحد ينبهني على أخطائي لكن ليس بهذا الأسلوب ، هذا لأول مرة نرى اسمه في زمرة مؤلفهم : رمضان محمود عيسى " الأحاديث الضعيفة في سلسلة الأحاديث الصحيحة " .
شو يقول بعد المقدمة هذه : " إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ... " يقول : " كنت مشغولا ببدء تحقيق تفسير ابن كثير لبيان صحيح الأحاديث وضعيفها ولكن أحد الإخوة الكرام جزاه الله خيرا ـ الظاهر في كلمة ساقطة ـ اقترح علي أن أراجع كتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني , لأن فيها أحاديث ضعيفة , والناس يأخذونها بثقة تامة على أنها محققة وصحيحة ؛ وهذا خطر جسيم , فقلبت صفحات سلسلة الأحاديث الصحيحة فوجدت بها أحاديث ضعيفة , فعزمت إن شاء الله على جمعها ثم طبعها لنبينها للناس ؛ فقد شعرت أنه أمر عظيم أن يحكم على الحديث الضعيف بأنه صحيح وعلى الصحيح بأنه ضعيف " يقول : " إني أعاهد الله أن أكون محايدا في تحقيقي العلمي وأن أكون منصفا ؛ وإنه من المؤسف المحزن أن من الناس ـ شوفوا المبالغة والغلو . من الناس من يدينون بأديان أئمة مذاهبهم ومشايخ طرقهم بل يخضعون تحقيقاتهم العلمية لذلك ".
الألباني : أهلا وسهلا , وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , كيف حالكم .؟
السائل : حفظكم الله بالسنة .
الشيخ : اللهم آمين , بدعواتكم الطيبة إن شاء الله .
السائل : ناشرا لها , وداعيا إليها , وتحقيقها لكتبها .
الشيخ : أسأل الله أن يزيدنا وإياكم توفيقا , ونشرا للدعوة الصحيحة , دعوة الكتاب والسنة الصحيحة , وأن يزيدنا معكم توفيقا .
السائل : اللهم آمين .
الشيخ : كيف حالكم ؟
السائل : الحمد لله .
الشيخ : عساكم بخير ؟ لا تزال في المسجد تصلي وتؤم الناس إن شاء الله ؟ .
السائل : نعم , والحمد لله .
الشيخ : نفعهم الله بك .
سائل آخر : لكنه ينوي السفر أيضا .
الشيخ : أين ؟ .
سائل آخر : إلى مصر .
الشيخ : خير ، خير يا إخوان , خير لما ؟ .
سائل آخر : انتهى عقده من هاهنا , وطلبوا من الأزهر , يعني الجامعة الأردنية هنا طلبت من الأزهر تجديد عقده مع الجامعة هنا في تدريس علم القراءات والتجويد والتلاوة , وأرسلوا لشيخ الأزهر مباشرة فجاء الرد , وهو يكمل لك القصة , هم حريصون عليه ليفيد الطلاب هناك , فقالوا لا بل يأتي .
الشيخ : هذا يدل على عزت مثله .
السائل : نعم هذا العزة .
الشيخ : أيوه يا شيخ .
السائل : ربنا ييسر لنا أمورنا إن شاء الله .
الشيخ : اللهم آمين .
السائل : بفضل دعواتكم إن شاء الله .
الشيخ : الله يبارك فيك , نسأل الله أن ييسر لك الخير حيث ما توجهت , وأن ينفع الناس بك .
السائل : آمين يا رب العالمين .
سائل آخر : وكان شيخ الأزهر يعني أرسلوا إليه أكثر من مرة , وأرسلوا له شخصيا إبراهيم زيد الكيلاني لو تسمع فيه , وكتاب يعني رسمي من قبل الجامعة والمركز الثقافي الإسلامي , يخاطب شيخ الأزهر , فجاء الرد بصراحة مزعج يعني قال : إن كنتم تريدون بديلا آخر نرسله لكم .
الشيخ : آه , ولا بديل ؟.
السائل : لا ، في بديل هو بدهم الشيخ يرجع .
الشيخ : يقول : لا يوجد بديل؟.
السائل : آه , نعم , لو كان في بديل ما بعثوا له , فبارك الله فيكم فتأثروا الجماعة جدا هنا , وقالوا : ما في إلا طريقة أخرى ، الشيخ يعني بحاجة للأردن يعني زي  ما حضرتك قلت : ولا بديل عندهم , فقالوا : يعني نحن بحاجة لك في الأردن , فما شاء الله تخرج أفواجا أفواجا من دورات التلاوة والتجويد إلى آخره يعني ، يعني صار في حركة في المسجد ، حركة دعوة وعلم إلى آخره ؛ هو الشيخ جزاه الله خير يعني من هذه الناحية تشجع حتى من ناحية طلب العلم , وسبحان الله يقول : هو عن نفسه أنا في القراءات كذا وكذا , لكن أحس بمسئولية الإمامة والوقوف بين يدي الله عزوجل .
الشيخ : ما شاء الله ، ما شاء الله .
السائل : فيستشعر بها ، إذا سأله أحد ـ  هذا على يدي أمامي ـ ما يجيب يقول اسأل فلان اسأل فلان اسأل فلان ، أحسوا به هنا الرجل , وهو ليس ما جاء من أجل المادة وكذا , لكن نشر ما عنده من علم .
الشيخ : لاشك أن هذه البلاد فقيرة .
السائل : نعم جدا .
الشيخ : وبحاجة قصوى إلى مثله .
السائل : حتى الشيخ عبد العزيز الخياط يقول له أنهم محتاجون لهم الاثنين .
الشيخ : الله يفضله .
السائل : أي والله , يعني سامع منه خطبة , أنت حكيت للشيخ منها شيئا عن التربية في الإسلام , فخطب يومها وأنا داخل , هو يخطب من ورق , الشيخ ما شاء الله يعني يقول : منذ أن جئت إلى هنا ما حضرت خطبة , لي ملكة التعبيرية والبلاغية ، فقال : " التربية في الإسلام أساسها العقيدة وغايتها التقوى وما بين ذلك شعب ... فجاء الشيخ عبد العزيز بعد ما خلص الخطبة قال له : : الله يعطيك العافية ... " جاء هنا وحسوا بقيمته في وسط جماعة الوعاظ والأئمة , صار حتى صديق كتب له كتاب يشكره فيه لما له من باع في علوم كذا وكذا وكذا , يعني ما يمكن أحد من الأئمة أخذ كتاب شكر مثله ، وشفت الكتاب .
الشيخ : ما شاء الله .
السائل : فهم متمسكين به جدا ؛ هو الحقيقة جزاه الله خير ما عجبه الحال الأعوج يعني , أخيرها موضوع القضاء والقدر الذي حكيت لك عليها هذا ... .
الشيخ : جزاه الله خيرا الحقيقة كان بودي ...
الشيخ : نحن اليوم يا مشايخ مصابون في نشئ جديد ، فصحيح أنه يحب أن ينطلق على الكتاب والسنة لكنهم لا يقدرون العلم حق قدره , ويتوهمون أن أحدهم يستطيع أن يصبح عالما بمعنى الكلمة بالكتاب والسنة ما بين عشية وضحاها ، يتوهمون الأمر هكذا ، ثم يصابون بكثير من العلم والغرور , وبحب الظهور ؛ وقديما قال بعض الحكماء كما تعلمون : " حب الظهور يقطع الظهور " ولذلك يتكلم بعضهم بما قام في نفسه متوهما أنه هو العالم بعينه , وكثيرا ما ينطلقون في هذا المجال المدعى أنه علم , وهو في الحقيقة جهل ردا لبعض العقائد المنحرفة عن الكتاب والسنة , ولكن تكون النتيجة أنهم يعالجون الأمر على طريقة أبي نواس : " وداوني بالتي كانت هي الداء " .
فمثلا هذه المسألة التي رددت علي فيها , هم يزعمون أن الطريق في رد عقيدة الجبر التي نشأت عند الجبرية من غلوهم في الإيمان بالقضاء والقدر , وفهمهما أو فهمهم لهذه العقيدة فهما خاطئا , استلزموا من هذه العقيدة الجبر , فقالوا بلازمه في زعمهم أنه كما جاء في بعض أشعارهم :
" ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال     له إياك إياك أن تبتل بالماء "
هذا يصور عقيدة الجبرية ؛ فمن أين جاءت الجبرية من الإيمان بالقضاء والقدر مع الفهم الخاطئ , مع الفهم الخاطئ , فعالج هذا الخطأ الفريق الآخر وهو المعتزلة , قالوا لا سبيل لنا إلى إبطال الجبر إلا بما اتكئوا عليه من الإيمان وهو القدر , إذا لا قدر ؛ كلاهما على طرفي نقيض ، وكلاهما على مذهب أبي نواس : " وداوني بالتي كانت هي الداء " .
فأنا أرى أن كثيرا من العقائد يساء فهمها , فتعالج على هذا المذهب المنحرف عن الحق ، وقد يقع في مثل هذا كثير من كبار العلماء المشهورين وعذرهم في ذلك إساءة العامة وربما بعض الخاصة معهم للعقيدة الصحيحة , فيضربون سوء الفهم بضرب العقيدة الصحيحة . لاشك أنكم تعلمون أن من العقائد الصحيحة التي توارثها الخلف عن السلف الإيمان بنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان , ويقترن معه الإيمان بخروج المهدي ...
نعود إلى أصل المسألة القدر ؛ فكيف عالجت المعتزلة الجبر معالجة سيئة , وذلك لما لم يستطيعوا أن يفهموا القدر الإلهي فهما لا يستوجب الجبر , بل هم شاركوا الجبريين في فهمهم للقدر بأنه يستلزم الجبر ؛ والجبر باطل , وما لزم منه باطل فهو باطل ؛ فإذا لم يجدوا وسيلة ـ أعني بطبيعة الحال المعتزلة ـ بمحاربة الجبر إلا بنسف عقيدة القدر , وهم بلاشك ما يستطيعون وإن كانوا ضلالا فهم مؤمنون بكتاب الله عزوجل ؛ فهم لا يستطيعون أن ينكروا القدر كلفظ مذكور في القرآن الكريم في غير ما آية ، ما يستطيعون أن ينكروا ذلك وإلا خرجوا من الدين ؛ لكنهم ـ وهكذا شأن كل الفرق الضالة الذين انحرفوا عن الكتاب والسنة ـ أنهم يؤمنون بألفاظ الكتاب ولا يؤمنون بمعانيها ، فهم آمنوا بالقدر , ولكنهم تأولوا القدر بما يساوي العلم , كما فعلوا في كثير من الآيات المتعلقة بالصفات الإلهية .
فهم مثلا ينكرون أن يكون الله تبارك وتعالى له صفة السمع والبصر , وهم يعلمون مثل قول رب العالمين : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فهم لا يستطيعون أن ينكروا هاتين الصفتين أنه سميع وبصير , إلا بالطريقة ذاتها التي أنكروا فيها القدر ألا وهو التأويل بل هو التعطيل , فقالوا السميع البصير يعني العليم ؛ فكذلك أولوا القدر بمعنى أيش ؟ العلم , مع أنه كما لا يخفاكم العلم صفة ذاتية ، أما التقدير الإلهي فصفة فعل , من صفات الأفعال ؛ فهم خلطوا بين هذه الصفة الذاتية وبين الصفة العلمية ؛ لماذا هذا الخلط ؟ ليضربوا الجبر ، لكن أصابهم كما يقول المثل في بعض البلاد : " كانوا تحت المطر وصاروا تحت المزراب " معروف هذا عندكم ؟ .
السائل : نعم.
الشيخ : والشاعر العربي القديم كما تعلمون يقول :
" أوردها سعد وسعد مشتمل    ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
فيجب الجمع بين الصفات الإلهية كلها والمشتقة من كتاب الله وأحاديث رسول الله ، ولا يجوز ضرب بعضها ببعض أو إنكار بعضها على حساب البعض ؛ وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله في هذه المناسبة :
" العلم قال الله قال رسوله             قال الصحابة ليس بالتمويه 
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة       بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها         حذرا من التعطيل والتشبيه "
وهذا هو الموقف العدل لا تعطيل ولا تشبيه , وإنما هو الإيمان على ما أراد الله عزوجل بهذه الآيات وأحاديث الرسول عليه السلام التي تثبت الصفات الإلهية .
الشاهد أعود إلى ما كنت انتهيت إليه أن كثيرا من العلماء حينما يريدون أن يعالجوا بعض الانحرافات التي أصابت الجماهير قديما وحديثا , إنما يعالجونها بانحراف مثله أو بأخطر منه ، وضربت على ذلك مثلا عقيدة نزول عيسى عليه السلام .
الشيخ : أنا أذكر جيدا أنني حينما نشأت في طلب العلم أني انتفعت بالسيد رشيد رضا وبمجلته المنار خاصة انتفاعا كثيرا , بل أعتقد أنه لم يكن المفتاح الذي فتح لي طريقة السلف إلا هذه المجلة ، أينعم ؛ لكن وجدته في كثيرا فيما بعد من مقالته أنه انحرف في قليل أو كثير من ما جاءت به السنة , والسبب في ذلك أنه كان ابتلي بمن يسمون بالقاديانية ، تعرفونهم ؟ .
السائل : هل هم سنية ؟ .
الشيخ : لا ، القاديانية الذين يسمون أنفسهم بالأحمديين .
السائل : غلام أحمد القادياني .
الشيخ : نعم ، غلام أحمد القادياني , فهم معروفون عند أهل السنة بالقاديانية وهم يفرون من هذه النسبة إلى النسبة الأحمدية , فهم يقولون نحن أحمديون , ولهم هدف خبيث من الفرار من تلك النسبة إلى هذه ؛ لأن النسبة الأولى إنما هي نسبة إلى البلدة التي خرج منها نبيهم الكذاب ميرزا غلام أحمد القادياني وهي قاديان ، وينتسبون إلى أحمد لأن ميرزا غلام أحمد القادياني ليس اسمه أحمد وإنما هو غلام ، غلام أحمد ، وهذا أسلوب باللغة الهندية تفسيره خادم أحمد , فهو ليس أحمد , وإنما هو خادم أحمد ؛ والمقصود بأحمد هو نبينا عليه الصلاة والسلام ؛ والأعاجم لهم مثل هذه النسبات افتخارا بانتسابهم للرسول عليه السلام ؛ فغلام أحمد هكذا عرف الرجل , ولكنه لما ادعى المهدوية ثم ادعى النبوة فحمل على نفسه بعض النصوص الشرعية من الكتاب والسنة جرها جرا على نفسه , مثل قوله تعالى : (( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) من هذا أحمد ؟ هو محمد ... هو أحمدهم هكذا , وبناء على ذلك حتى يصح له جلب هذه الآية وحملها على ذاته غير اسمه في مؤلفاته , وعلى هذا درسته شخصيا لأنني ابتليت بمجادلة القادينية هناك في دمشق سنين طويلة , وهو كان يكتب اسمه في مؤلفاته ميرزا غلام أحمد , أي خادم أحمد ابن عبدالله ابن عبد المطلب , فحذف ميرزا غلام أحمد وقال : أحمد , اسمه أحمد , لكي يضلل الناس أن هذه الآية تعنيني أنا , وأنا اسمي أحمد , أما محمد النبي المبعوث رحمة للعالمين اسمه محمد وليس اسمه أحمد , هكذا أوهم المضللين به , ولذلك فهو إتماما لإضلال شيخه له يضلل العالم بأنهم أحمديون , ليسوا منتسبين بأحمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب وإنما لأحمد الدجال الكذاب , هؤلاء كالمعتزلة بل وأشد إغراقا في الضلال لأنهم ينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة , يؤمنون بكل الكتاب ولكن لفظا وليس معنا , ولا يخفى على أهل العلم أن اللفظ في كل الكلام فضلا عن الكلام الإلاهي ليس مقصودا بذاته وإنما هو فيه من معاني , وكما يقال : الألفاظ قوالب , نعم فما الفائدة إذا آمن مؤمن ما بآية ما ثم لف ودار عليها , واستخرج لها من ضلاله معنا ولا صلة لهذا المعنى في اللفظ القرآني , هكذا كل الفرق الضالة شأنهم مع القرآن اللذين لم يعلنوا الخروج عن الإسلام , وإنما لايزالون يدعون أنهم مسلمون ويؤمنوا بالقرآن .
القدريون هكذا مثالهم يؤمنون بألفاظ القرآن في كثير من نصوصه , ولكنهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه كما حكى ربنا ذلك في القرآن الكريم عن اليهود , هم يعتقدون مثلا بأن باب النبوة مفتوح على محمد عليه الصلاة والسلام, على الرغم من مثل قوله تبارك وتعالى في القرآن : (( ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين )) هم لا ينكرون أنه خاتم النبيين , لكنهم ينكرون كما أنكر المعتزلة القدر وأنكروا الصفات الإلهية ونحو ذلك , فهم يقولون : (( خاتم النبيين )) ليس معناه آخرهم , وإنما خاتم النبيين كالخاتم في الأصبع , فهو زينتهم , طيب هذا موقفهم من القرآن , ما موقفهم من الأحاديث المتواترة بأنه لا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام , ما استطاعوا تأويله حرفوه كما حرفوا القرآن , وما لم يستطيعوا نسفوه نسفا , وقالوا : هذا مخالف للقرآن , من أشهر الأحاديث التي تثبت أن لا نبي بعده عليه السلام , حديث مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي حينما سافر إلى تبوك غازيا , وترك عليا في المدينة وبكى علي , فآنسه عليه السلام بقوله : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ) قالوا هذا حديث صحيح , لكن ما فهمتموه جيدا لا نبي بعدي أي معي , أما بعده فيه نبي .
السائل : هذا تفسيرهم هم .
الشيخ : هم , وهذا مثال آخر يعني كيف يحرفون الكلم من بعد مواضعه أيوه .
السائل : لأن هارون كان مع موسى فيهم ذكاء هؤلاء مع ضلالهم يعني .
الشيخ : أي ذكاء , لكن ذكاء بدون عقل لا يفيد شيئا أبدا , لذلك حكا ربنا عز وجل في القرآن الكريم عن المشركين والكفار: (( قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ماكنا )) لذلك الذكاء شيء والعقل شيء .
السائل : وأنت ترى ثلث التفاسير بعد ابن كثير .
الشيخ : عفوا , عفوا , أنا جعلت الاستطراد طويلا جدا لأني كنت أتكلم عن السيد رشيد رضا , وأنني استفدت منه , لكن رأيت منه بعض الانحرافات , منها بسبب رده على القاديانيين , والقاديانييون يدعون من دعاويهم الباطلة أن مرزا غلام أحمد القادياني من عيسى المبشر به في الأحاديث , وهذا أيضا من تأويلاتهم الباطلة : ( لينزلن فيكم عيسى ابن مريم حكما عدلا ) ليس المقصود عيسى , وإنما المضاف محذوف تقديره مثيل عيسى , لف ودوران من هو هذا المثيل .؟ ميرزا غلام أحمد القادياني , فالسيد رشيد رضا رحمه الله تعالى كأنه شعر أنه ما ستطاع أن يقيم الحجة عليهم حجة دامغة قاهرة إلا بالتشكيك بأحاديث نزول عيسى عليه السلام , من أجل إيش .؟ يخلص الجمهور متأثرا بالقاديانية ...
كذلك قلنا بالنسبة إليه مع فضله وعلمه :
أوردها سعد وسعد مشتمل     ما هكذا يا سعد تورد الإبل
وأنا كتبت في بعض ما كتبت من المؤلفات والكتب أن السبيل في كل هذه الأمثلة وسواها ليس هو التأويل الذي هو أخو التعطيل , وإنما هو فهم النصوص فهما جيدا كمسلمين حتى لا يقعوا في انحراف سلبي أو إجابي .
الشيخ : نعود إلى مسألة القدر وهي مشكلة المشاكل في الواقع من يوم وجدت المعتزلة إلى اليوم , المعتزلة يقولون إذا قلنا إن الله عزوجل قدر على الإنسان الإيمان والكفر والخير والشر فهذا معناه أنه مجبور لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا , إذا ما المخرج عندهم ؟ لا قدر , إذا ماذا نقول في الآيات التي أثبت القدر , نأولها بمعنى الذي سمعته العلم , لكن ما استفادوا شيئا من هذا الإنكار , لأنه لا فرق بين كل المؤمنين الذين يؤمنون بالعلم الإلهي وبين أكثر المؤمنين أيضا بالقدر الإلهي , من حيث المشكلة التي أوردها المعتزلة لا فرق بين العقيدتين عقيدة الإيمان بالعلم الإلهي الأزلي والإيمان بالقدر الإلهي , لا فرق من حيث المشكلة , ما هي المشكلة .؟ قالوا إذا قلنا إن الله قدر وكتب الإيمان والكفر والخير والشر لزم منه الجبر , كذلك نقول نحن لاشك ولا ريب عند كل المؤمنين بالقدر الإلهي أنه وفق العلم الإلهي , كذلك الكتابة الإلاهية على مراحلها المتعددة كما شرح ذلك الإمام ابن القيم في كتابه العظيم المسمى إيش .؟ في الحكمة والقدر والتعليل نعم شفاء الغليل , نعم أحسنت , فهناك مراحل للكتاب كل هذه الكتاب , الكتابة الأولى والأخيرة التي والولد في بطن أمه بطبيعة الحال على وفق إيش .؟ العلم الإلهي فإذن الإشكال الذي أوردوه لايزال قائما , بمعنى حذفنا الآن من أذهاننا ما حذفوه هم من عقائدهم , وهو القدر الإلهي طوينا عنه الصفحة مؤقتا , كذلك الكتابة الإلهية , ولنتفق معهم هناك العلم أو هم يتفقون معنا , طيب سبق في العلم الإلهي أن فلانا سيكفر , هل يمكن أن يتغير العلم الإلهي .؟ طبعا لا .
السائل : لا يتغير .
الشيخ : طيب الكتابة الإلهية تتغير .؟ لا , القدر الإلهي يتغير .؟ لا , طيب ما الذي استفدتموه من قولكم لا قدر , واضح .؟ إذا يجب الإيمان بكل ما جاء من العلم والكتابة والقدر وتأويل ذلك بما يتفق مع الأدلة الأخرى . نعم .
السائل : السلام عليكم ورحمة وبركاته .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته , أي نعم يا سيدي كنا وصل بنا الحديث إلى .؟
السائل : المعتزلة .
الشيخ : أيوة , فما استفادوا شيئا من إنكارهم القدر بحجة أنه إذا كان القدر لا يتغير فإذن صار المكلف مجبورا , نقول لهم هل العلم الإلهي يتغير .؟ سيكون نعم العلم الإلهي ما يتغير , فسيكون من جوابهم أنه لا يتغير , إذا هل سبق في العلم الإلهي أن فلان سعيد فلان شقي , فمن قولهم أنه أحاط بكل شيء علما , إذا لا يتغير , فما جوابكم عن العلم الإلهي الذي لا يتغير فهو جوابنا عن القدر الإلهي الذي لا يتغير , هذا كما لا يخفاكم جواب جدلي , لكنه حق , لكن عندي جواب آخر .
ما سبق في العلم الإلهي أو في القدر الإلهي هو بلا شك يوافق ما سيقع , لا يختلف قيد شعرة , وإذا كان الأمر كذلك فنحن نرد على كل من الفريقين المعتزلة وخصومهم الجبرية , الجواب يشمل الفريقين معا , ثم نعود على الجبرية بتفصيل لا يحتاجه المعتزلة , إنهم معنا في أن العلم الإلهي يعرف الوقائع على حقائقها الجلية , ونحن نعلم من واقع المكلفين أن أعمالهم وحياتهم فيها ما هم مختارون ضرورة وما هم مجبورون أيضا , نبدأ بعمل القلب , عمل القلب مجبورون فيه , لأنه من خلق الله الذي ليس للبشر فيه خيارا , ولذلك إذا شاء الله عزوجل عطل هذه الحركة بإماتة صاحبها , كذلك نقول في كون زيد من الناس طويل آخر قصير بدين نحيف و و إلى آخر ما هنالك , هنا يصدق قوله تعالى : (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون )) لكن هناك أمور أخرى تتعلق بهذا الإنسان المجبور من هذه الزاوية , هناك أمور أخرى تصدر منه باختياره , الآن أنا أتكلم وأنتم تصغون , وأحيانا تتكلمون أيضا معنا , هل أنتم يا معشر المعتزلة ـ الجبرية لهم خطاب آخر قلنا آنفا ـ أنتم معشر المعتزلة تقولون أننا نحن الآن في هذا الكلام مختارون أم مجبرون .؟ سيكون من قولهم مختارون , طيب في الحالة الأولى أو الأمثلة الأخرى مختارون أم مجبورون .؟ يعني في كون حركات القلب وهذا الإنسان طويل وآخر قصير وأبض وأسمر وأسود إلى آخره , مختارون أم مجبورون .؟ ما يستطيعوا أن يقولوا مختارون , هذا هو , إذا هذا الواقع بقسميه بصورتيه سبق في علم الله عز وجل , سبق في علم الله عز وجل , فالعلم يشملهما الصورتين , ننزل الآن إلى ما أنكرتم من القدر , القدر يشملهما أيضا لأننا قلنا أن القدر الإلهي وفق العلم الإلهي , فما في اختلاف بينهما من حيث أنه يكتشفان الواقع على حقيقته قبل وقوعه , فمن هذه الحيثية القدر مطابق للعلم الإلهي , إذا أين الإشكال إذا كان ما قدره الله من القسم الأول وأنا لا أسأل عنه , لأني لا إرادة لي , كون واحد أسود فاحل قد يعير الأبيض بسواد بشرته مثلا , لكن لا يعير لأن هذا خلق الله فأروني ماذا خلق اللذين من دونه , لكن أنا إذا انحرفت أو شتمت أعير لماذا .؟ لأنه من القسم الآخر , فيه إرادة , فإذن ما هو الأشكال في إنكاركم القدر والقدر يكتشف الواقع بقسميه , نحن آنفا ضربنا القسم الأول لأنه واضح لا جدل فيه إطلاقا وهو مفهوم لدى الجميع.
الآن نضرب مثلا في أعمالنا نحن التي تصدر من جوارحنا , إنسان رمى عصفورا فأصاب إنسانا فقتله , هذا قتل خطأ لكن بفعل إيش .؟ الإنسان مش فعل الإلهي مباشرة كما هو القسم الأول , هذا مقدر , عفوا لا أقول للمعتزلة مقدر سبق في العلم الإلهي هذا العمل أو لا .؟ ولذلك كان من العدل الإلهي أنه لم يؤاخذه في الأخرة لأنه قتل خطأ , طيب كذلك نحن نقول نحن المؤمنين بالقدر الإلهي , القدر الإلهي سجل علي هذا الخطأ هذا القتل خطأ , ولذلك ما يؤاخذني , لكن إنسان آخر فنقول : إنسان آخر أيوة وفي ليلة لا قمر فيها ترصد خصما له , وتهيأ لقتله فرماه بالبندقية أو طعنه بخنجره , هل يستوي هذا وذاك ؟ لا يساويان مثلا , هذا متعمد , وكما يقولون في القضاء اليوم عن سابق تصميم وإصرار , كلاهما الصورتان سبقتا في العلم الإلهي بلا شك , لأنه أحاط بكل شيء علما , فما المانع يا معتزلة أن يكون هذا العلم الإلهي سجل في اللوح المحفوظ فكان قدرا , القدر إذن يحيط بالواقع على حقيقته , إن كان جبرا لا مؤاخذة , وإن كان اختيارا فهنا المؤاخذة , فلماذا تخشون من القول بالقدر , واضح هذا الجواب .؟ هذا الجواب ملزم للإيمان بالقدر , كذلك الجواب الأول , لكن ذاك جواب جدلي وهذا مؤكد لذاك الجواب , على هذا يجب أن تعالج كل العقائد الإسلامية الصحيحة ,  منها قضية نزول عيسى عليه السلام أشكل الأمر على السيد رشيد رضا رحمه الله تعالى , ومنه استقينا نحن هذا المنهج السلفي والحديثي , وأشكل على كثير من علماء الأزهر كشلتوت وأمثاله , أنكروا عقيدة نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان , لماذا .؟ قالوا لأن كثيرا من الناس ادعوا العيسوية , وهذا غلام أحمد القادياني , كثير منهم ادعوا المهدوية , وجاركم هناك في السودان المهدوي هذا معروف , وفي التاريخ الإسلامي كثير ممن ادعى العيسوية وادعى المهدوية إذا سدا لباب هذه الدعوات الباطلة نريح الناس من عقيدة نزول عيسى عليه السلام وخروج المهدي , هذا خطأ ومعالجة الخطأ بخطأ مثله وشر منه , أنا قلت في بعض ما كتبت ردا على أمثال هؤلاء , أنا أخشى ما أخشى أن يأتي يوم يعالج فيه بعضهم الإلهية فينكرها , لأن الفراعنة ما انتهوا بعد , فبعضهم يدعي الألوهية فلنريح الناي من هذه الدعوة , فهي أبطل الباطل , ما فيه ألوهية انتهت المشكلة , هل هذا هي المعالجة الصحيحة .؟
نحن نقول أخيرا نزول عيسى عقيدة صحيحة , آمن بها السلف وتبعهم الخلف على هدى من ربهم , لكن ليس في هذه الأحاديث ولا في أحاديث المهدي عليهما السلام أن على المسلمين أن لا يعملوا بإسلامهم ولعزة دينهم حتى ينزل عيسى ويخرج المهدي , لا يوجد في هذه الأحاديث كلها ما يشعر بهذا الفهم الخاطئ الذي وقع في بعض المسلمين , ولذلك أنكر بعض المصلحين هذه  الأحاديث من شان يزيحوا العثرة بزعمهم من طريق عقبة المسلمين , وما في فائدة لينزل عيسى ويخرج المهدي , هذا فهم خطأ كما فهم الجبريون من القدر ووافقهم  المعتزلة ثم أنكروا الجبر , وأنكروا معه القدر , مادام لا يوجد في الأحاديث الصحيحة التي نزلت في عيسى عليه السلام وفي خروج المهدي ما يشعرنا بالتواكل على مجيئهما , إذن يجب علينا أن نعمل , لأن عيسى إن نزل وجد الأرض مهيأة لقائد يقودهم , وإذا نزل عيسى عليه السلام والمسلمون كما هم اليوم , أنا أقول هذا الكلام مؤمنا به , سوف لا يستطيع عيسى أن يجمع المسلمين في لحظة , في يوم وليلة يجمع المسلمين ـ الصالحين منهم بطبيعة الحال ـ حول قيادته لأنه سوف لا يكون في اعتقادي أحزم وأقدر على جمع قلوب الناس حوله من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , وهو لبث في قومه عشرين سنة حتى استطاع أن أوجد هذه النواة التي غذاها الله عزوجل بقوته وعلمه ثم امتدت إلى ... كما تعلمون في التاريخ الإسلامي .
فإذا عيسى عليه السلام يجب أن لا نتصور أنه ينزل إلا والأرض قد هيأت له لقبوله , إذن ينبغي أن نفهم أحاديث النزول والخروج , لأنها تحض المسلمين على العمل لإعادة الإسلام إلى مجده الغابر , لا أن ينتظروا عيسى والمهدي ليعيد لهم المجد الغابر , إذا آمنا هكذا فما المشكلة من أحاديث عيسى وخروج المهدي .؟ لا إشكال أبدا , دائما المشاكل تأتي من سوء فهم النصوص , وهذه الحقيقة نقطة مهمة جدا من قبل العالم الإسلامي من حيث أنهم أساؤوا فهم بعض النصوص فأساؤوا فهم نصوص أخرى , ونسأل الله عزو جل أن يوفقنا جميعا وإياكم للفهم الصحيح عن الله ورسوله.
السائل : فيه سؤالين .
الشيخ : تفضل .؟
السائل : الأول ابن خلدون يتكلم عن أحاديث المهدي , ما رأيكم في أحاديث المهدي .؟ يقول إنها ضعيفة كلها .
الشيخ : أولا لا يخفاكم أن ابن خلدون هو مؤرخ وحكيم في التاريخ وليس عالما بالحديث , وما أردت أن أقول ليس متخصصا في الحديث , بل هو ليس عالما في الحديث .
السائل : ...
الشيخ : ثم من قرأ كتابته في تاريخه أو في مقدمة تاريخه حول أحاديث المهدي يجد هناك في بعض الأحاديث اعترافا بالصحة لهذا البعض , ولذلك فيخطئ كثيرا من الكتاب الذين كتبوا في هذه القضية ومنهم شيخ قطر إذا سمعتم به .
السائل : القرضاوي .
الشيخ : لا , هذا المحمود هذا ... يخطئ كثيرا كهذا الشيخ حين يعزو إلى ابن خلدون أنه ضعف كل أحاديث المهدي , هذا خطأ ليس فقط على الحديث النبوي , بل وخطأ آخر على ابن خلدون المؤرخ , ثم علم الحديث في الواقع فيه دقائق هي التي صرفت كثيرا من العلماء عن الاشتغال بالحديث , وأنه يتطلب جهدا ودأبا قد لا يستطيعه أكثر النفوس ولو كانوا من أهل العلم والفضل , أضرب لك مثلا بين عالم يكتب بحثا علميا وكاتب يكتب مقالة أدبية , كم الفرق بينهما ؟ .
السائل : البون شاسع .
الشيخ : شاسع جدا , الذي يكتب مقالة أدبية الأفكار المخزونة في إيش في مخه وفكره يسيل بها قلمه , لا يحتاج أنه يرجع هذه الكتب التي يسميها بعض الناس ظلما الكتب الصفراء هذه , لا يحتاج , بينما الذي يريد أن يكتب ويحرر مقالة علمية خاصة في آخر الزمان الذين علمهم كأمثالنا في سطورهم , وليس في صدورهم , هؤلاء بحاجة أن يراجعوا على الأقل يتثبتوا , أما ذاك الكاتب ما يحتاج إلى مراجعة, يكتب يشحدر يقولوا عندنا في الشام بهذا القلم الأسود , النسبة التي ذكرتها بين الكاتب العالم والكاتب الأديب هي النسبة بين العالم المحدث المتخصص في الحديث والعالم , يحتاج إلى صبر ومراجعات كثيرة وكثيرة جدا لماذا .؟ لأن كثيرا من الأحاديث هي من القسم الذي يسميه علماء الحديث صحيح لغيره حسن لغيره .
الشيخ : صحيح لغيره أو حسن لغيره أحد العلماء كالترمذي مثلا إذا قال في حديث ما حديث حسن , وهذا من الغراب واللطائف التي لا يتنبه لها أكثر العلماء بل وكثير من المحدثين , إذا قال الترمذي في حديث حسن يعني إسناده ضعيف , أسمعتم بهذا .؟ إذا قال في حديث ما حديث حسن يعني أن اسناده ضعيف .
السائل : يعني لم يصل إلى درجة الصحة يعني .؟
الشيخ : لا , هو إذا قال , أنا أقول إذا قال في حديث ما حديث حسن يعني إسناده ضعيف , ما نقفز قفزة الغزلان بارك الله فيك , يعني ليس بصحيح , يعني أن إسناده غير حسن , مش ليس بصحيح , إذا قال الترمذي في حديث ما حديث حسن , يعني هذا الحديث الذي حسنه الترمذي إسناده ضعيف , كيف هذا .؟ هذا اصطلاح , على خلاف إذا ما قال في حديث آخر حديث حسن غريب , فإنما يعني حديث حسن إسناده , كلمة غريب حددت المراد من قوله حسن , أما إذا عرى هذه الكلمة حسن عن لفظة غريب فهو يعني حسن متنه ضعيف إسناده , بماذا جاء هذا التحسين من علمه أن لهذا المتن شواهد وطرق أخرى ارتقت به من الضعف الذي جاءه من هذا الإسناد , إذا من أجل ذلك قال علماء الحديث إذا وقف طالب العلم على حديث إسناده ضعيف , فهل يجوز له إن يقول حديث ضعيف .؟ قالوا وقالوا , قالوا لا يجوز لأنه قد يكون له إسناد آخر إما أن يكون هذا الإسناد الآخر حسنا لذاته أو صحيحا لذاته أو على الأقل يجعل هذا الحديث الضعيف بإسناده حسنا أو صحيحا لغيره , ولذلك فلا يستقل بالقول بأن هذا حديث ضعيف وإنما يقول حديث إسناده ضعيف , ثم استثنوا فقالوا اللهم إلا رجل عالم متمكن في علم الحديث محيط ما شاء الله بطرق الحديث , ثم لم يجد لهذا الحديث إلا هذا الإسناد فلمثله فقط أن يقول هذا حديث ضعيف .
السائل : آسف على المقاطعة .
الشيخ : تفضل ما في مقاطعة .
السائل : يعني إيه الفرق بين أن نقول إن هذا الحديث حسن وبين أن نقول إن هذا الحديث حسن صحيح كما جاء به الترمذي , هو الذي جاب الكلمة حسن هذه , والترمذي هو الذي جاء بهذه الاصطلاحات ؟
الشيخ : أي نعم اصطلاح خاص بالترمذي .
السائل : فنحن حينما نقول هذا الحديث حسن , نقول حسن لا لذاته ولا لغيره حديث حسن , وأن نقول هذا حديث حسن صحيح . هل في فرق بين الاثنين .؟
الشيخ : الأمر كما قلت بأن الترمذي جاء بهذا الاصطلاح , لكن قبل أن نذكر ما قاله العلماء في هذا الاصطلاح يجب أن نذكر والذكرى تنفع المؤمنين , التعبير الصحيح أن نقول إن هذا الاصطلاح أشاعه الترمذي وليس جاء به , لأنه مسبوق إليه , ومسبوق إليه من إمامه البخاري صاحب الصحيح , وهو في كثير من كتبه غير الصحيح يقول في بعض الأحاديث حديث حسن صحيح , لكن الذي أشاعه إنما هو الإمام الترمذي , ما لذي يقصده ؟
أنا أجيب بجواب موجز هو رأيي الله أعلم الله أعلم لما .؟ لأمرين اثنين الأمر الأول : أن الترمذي نفسه لم يعبر عن اصطلاحه هذا الذي حكاه وأشاعه , والأمر الثاني والأخير : أن العلماء ما جاءوا بجواب كاف شاف , يطمئن له النفس وينشرح له الصدر , منهم من قال : حسن معناه صحيح إسناده , منهم من قالوا حسن في نفس النتيجة لكن المعنى مختلف شوي , حسن حكما أي عمل به , وصحيح إسناده , بخلاف ما إذا قال حديث صحيح فهو يشير إلى أن إسناده صحيح لكن لم يعمل به ؛ منهم من قال : حسن بالنظر إلى سند .
السائل : ...
الشيخ : لا , له إسنادان , هذا الذي قال فيه حسن صحيح له إسنادان , فباعتبار أحدهما حسن وباعتبار الآخر صحيح , وعلى هذا من هم .؟ قالوا فما قال فيه الترمذي في حديث حسن صحيح أقوى مما قال فيه صحيح , أما إذا قال حسن صحيح فيعني لهما إسنادان أحدهما صحيح , لكن زاد عليه إسناد آخر حسن , وهو أصح مما قال فيه صحيح , لأن الصحيح له سند وهذا له سند صحيح وآخر حسن , فهو أقوى , لكن هذا انتقض أو انتقض بأن الترمذي في كثير من الأحيان يجمع بين ثلاث عبارات أو ثلاث ألفاظ فيقول : حسن صحيح غريب , ومعنى غريب ليس له إلا إسناد واحد , فإذا هذا انتقض ... .

الشريط بصيغة mp3 

المصدر : ( من هنا )

العودة إلى قائمة الأشرطة

0 التعليقات:

إرسال تعليق