السبيل إلى العزة والتمكين

تفريغ الشريط رقم 161 من سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني رحمه الله


هنا في صوت أطفال ، ويقول الطفل : أنا .
الشيخ : أنت أو أخوك .
الطالب : شيخنا ، حديث عليكم ... فيه عنعنة ابن إسحاق وفي الوقف فرواية سفيان عن إسحاق طبعاً فيها العنعنة وفيها الاختلاط وتابع سفيان عن روايته شعبة وبقيت علة التدليس وكذلك فيها طرق تدليس شعبة ، وكذلك قال شعبة :" ثلاثة كفيتكم تدليسهم " وذكر أبا إسحاق السبيعي ، فالآن ذهبت علة الاختلاط وعلة التدليس فهل الوقف من رواية الثلاثة من الثقات مع رواية اثنين من رواية الثلاثة من الثقات موقوفاً ، ورواية اثنين من الإثبات مرفوعاً منهم شعبة ألا يقال هذا زيادة ثقة هنا شيخنا ؟
الشيخ : هذا داخل في القاعدة ، إن كان ترجح الوقف ، في الأكثرين فهو الراجح والعكس بالعكس
الطالب  : لكن أستاذي ، يعني ألا يقال هنا مثلاً : أنه ممكن شعبة مثل شعبة وهو في السبق بمكان علي حفظ ... وكذلك سفيان ، أولئك ثلاثة أيضاً ، وقد يكونون أقل ثقة من شعبة و ...
الشيخ : لا هذه قضية نسبية صعبة ...
الطالب : إلا بعد نظر ؟
الشيخ : أينعم .
الطالب : وجزاكم الله خير .
الشيخ : وإياكم .

السائل : خلينا نبدأ حديثنا في بعض الناس يجهلوا الدين ، نريد نصيحة تنفعنا بها فبماذا تنصحنا ؟
الشيخ : ننصح بكلمة موجزة ومختصرة ، إن تتطلب العلم النافع مقروناً بالعمل الصالح ؛ لأنه لا يكون النجاة إلا بهذين الشرطين : العلم النافع والعمل الصالح ، العمل الصالح معروف لدى الجميع بداهةً ، منا يحتاج إلى شرح إلا ربما من بعض الجوانب والنواحي ، أما العلم النافع فهذا الذي يخفى أمره على كثير من الناس ؛ لأن العلم هو ما كان مستقىً من كتاب الله ومن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الاعتماد على ما كان عليه سلفنا الصالح ؛ لأنهم تلقوا الشرع كتاباً وسنة ، غضاً طرياً ، كما نطق به عليه الصلاة والسلام دون زيادة أوة نقصان من حيث الراوية ، ودون سوء فهم للنص من القرآن والسنة ، ولهذا كان من دعوتنا التي ندندن حولها دائماً وأبداً ، أننا ندعو إلى العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، لماذا نقول على منهج السلف الصالح ، لدفع ما قد اعترى الكتاب والسنة من الانحراف في فهمها ، وبسبب هذا الانحراف وجدت الفرق الإسلامية الكثيرة ، كما يشهد لذلك التاريخ الإسلامي وكما تنبأ عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي قال فيه : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ) ، قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) لذلك اصطلح العلماء على تسمية هذه الفرقة ، من ثلاث وسبعين فرقة بالفرقة الناجية فالفرقة الناجية أولاً هي واحدة فقط لا ثاني لها ، ثم هي من ثلاث وسبعين فرقة ، اثنين وسبعين فرقة في النار وواحدة في الجنة .

الشيخ : فاليوم نعيش في غمرة فرق قديمة وحديثة ، وأحزاب عديدة ، وبعض الفرق القديمة ذهبت أسماؤها ، وبقيت آثارها ، فالمنطق الاعتزالي والمذهب المعتزلي لا نكاد نسمع له ذكراً في هذه الأيام ، ولكنه تطور وصار تارة بأسماء فرق إسلامية ، فرق إسلامية ومذاهب إسلامية معتداً بها ومعترف بها عند جماهير المسلمين ، وتارة بآراء حديثة لكنها تتصل بسبب وثيق بتلك الآراء الاعتزالية القديمة ، أما التارة الأولى التي أشرت إليها آنفاً وهي التي تكون بأسماء ، ومعترف بها عند المسلمين فمثلاً كالأشاعرة والماتريدية ، العالم الإسلامي ، العالم الإسلامي اليوم إذا استثنينا منه الفرق المعروف انحرافها عن الشريعة كالشيعة مثلاً والزيدية ، والخوارج وحصرنا كلامنا على من يسمون أو يتسمون بأهل السنة والجماعة ، فأهل السنة والجماعة اليوم هم ثلاثة مذاهب فيما يتعلق بالعقائد وأربعة مذاهب فيما يتعلق بالفقه ، أما المذاهب الثلاثة الأولى فهي الماتريدية والأشاعرة ، وأهل الحديث فهذه الفرق الثلاث ، تتعلق في العقيدة فقط بأهل السنة والجماعة ، أما المذاهب الأربعة فهي معروفة للجميع في الفقهيات الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي ، إذا رجعنا إلى المذاهب الثلاثة الأولى الماتريدية والأشاعرة ، نجد في هذين المذهبين الشيء الكثير مما هو من مذاهب وآراء وأفكار المعتزلة ، ومع ذلك فهي موجودة ومبثوثة في المذهب الأشعري ، والمذهب الماتريدي ، أهم ما يتعلق في هذا الذي أقوله ، أنه موجود من الاعتزال شيء في المذهبين المذكورين الماتوريدي والأشعري ، أهم ما يمكن ذكره الآن ، أصل من الأصول وقاعدة من القواعد هي أن الحديث الصحيح لا تثبت به عقيدة ، هذا رأي المعتزلة ، لكن الأشاعرة والماتريدية يتبنون هذا الرأي ، هذه كقاعدة وأصل ، الشيء الثاني أن المعتزلة عرفوا عند أهل السنة حقاً بأنهم يتأولون آيات الصفات وأحاديث الصفات ، والتأويل أخو التعطيل ، والمقصود بالتعطيل إنكار الشيء ، إنكار الحقيقة فحينما تكون هناك آية أو يكون هناك حديث نبوي صحيح وله دلالة واضحة صريحة فيعطلون هذه الدلالة ، ويأتون بمعنى غير متبادل للذهن ؛ لذلك النص القرآني أو الحديث النبوي فهذا معناه أنهم لم يتبعوا الكتاب والسنة ، لكنهم لا نستطيع أن نقول ما أتبعوا الكتاب والسنة إنكاراً لهما وإنما دوراناً عليهما ، وخروجاً عن دلالتهما الصريحة باسم التأويل ، ولذلك قلت التأويل أخو التعطيل ، نحن نضرب مثلاً عادياً ، إذا قال الرجل العربي جاء الملك فما يتبادر إلى ذهنه ؟ إذا عُني المخاطبين بكلامه أنه يعني جاء خادم الملك ، هو قال جاء الملك ، السامعون لا يفهمون من كلامه أنه يعني جاء خادم الملك بل ولا يفهمون منه أنه جاء وزير الملك ، فلو أن رجلاً عربياً تكلم بهذه اللفظة العربية بهذه الجملة العربية ، جاء الملك فأحد السامعين قال يعني خادم الملك ، هذا عطل كلام هذا المتكلم ، فما بالكم إذا كان الكلام المعطل هو كلام الرب تبارك وتعالى ، فيأتي المعتزلة ويتبعهم في ذلك الماتريدية والأشاعرة ، فيتأولون بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، بمثل هذا التأويل الذي قلنا عنه بحق أنه أخو التعطيل في الآية الكريم : (( وجاء ربك والملك صفاً صفا )) جاء ربك فلا تشبيه مثل ما قلنا آنفاً ، جاء الملك لا ، ما جاء الملك من إذا جاء ؟ خادم الملك ، وزير الملك في فرق بين الخادم والوزير طبعاً ، مع ذلك فإذا فسر بوزير الملك ، يكون عاطلا باطلا ، وإذا فسر بخادم الملك فهو أعطل ، فقولهم في تفسير قول ربنا عز وجل : (( وجاء ربك والملك صفاً صفا )) جاء ربك أي أمر ربك ، أو خلق من خلق ربك ، أو أو ، أما الرب لا يأتي ولا يروح ، ومن أين جاءتهم هذه المشكلة ؟ أو من أين جاءهم هذا التعطيل ؟ من قياس الخالق على المخلوق ، من قياس الغائب على الشاهد ، يقولون لا يجوز وصف الله بالحركة ، نحن ما نصف الله بالحركة لأنه ما وصف بذلك ، لا هو وصف بذلك نفسه ، ولا وصفه بذلك نبيه ، لكن وصف نفسه بأنه جاء أي يوم القيامة فنحن نقول جاء ولا نقول جاء يعني تحرك ، هم يأبون أن يؤمنوا بصريح القرآن الكريم ، كذلك مثلاً فيما يتعلق بهذا المعنى ، الحديث المعروف والمشهور ، بل هو عندنا حديث متواتر ، لكثرة طرقه الصحيحة : ( ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا ) أهل السنة حقاً وهم أهل الحديث ، يؤمنون بالآية السابقة الذكر على ظاهرها ، جاء ربك ، ربك جاء ، ينزل ربنا ، ينزل ربنا أما المعتزلة وتبعهم الأشاعرة في جملة الذين اتبعوهم عليه لا ، ربنا لا ينزل كما قالوا لا يجيء ، قالوا أيضاً لا ينزل ، إذاً شو معنى ينزل ربنا أي رحمته ، هذا تأويل ، هذا التأويل هو تعطيل يلزم من هذا التعطيل إنكار حقائق شرعية ، متعلقة بالصفات الإلهية ، ربنا عز وجل حينما يصف نفسه في كتابه أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإنما يعني بذلك ليعرف عباده به تبارك وتعالى ، لأنه غائب عنا ولا يمكننا أن نراه ، إلا يوم القيامة إن شاء الله فحينما نأتي إلى الآيات الصفات وأحاديث الصفات ، فنأتي لها بمعاني غير المعاني الظاهرة الجلية ، من نصوص القرآن أو الحديثية ، فمعنى ذلك أننا أنكرنا هذه الصفات الإلهية ، جاء ربك ، ما جاء ربك ، ينزل ربنا ، لا ينزل ربنا - سبحان الله - لو كان هناك نص أنه لا يجيء ولا ينزل كنا نؤمن ، لكن النصوص على خلاف ذلك ، فكيف نصف ربنا بما لم يصف نفسه به ، وننزهه عما وصف نفسه به ، هذا هو التعطيل ، وهذا مما وقعت فيه ، كما قلنا بعض المذاهب الإسلامية السنية كالماتريدية ، والأشعرية لهذا قلنا إننا ندعوا لاتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، حتى ما نقع في مثل هذه الانحرافات التي ابتدأها المعتزلة ، ثم تبعهم عليها كثير ممن ينتمون إلى أهل السنة والجماعة ، أهل السنة والجماعة اليوم في عرف العصر الحاضر وفي الأزهر الشريف والجامعات الإسلامية إلى آخره ، هي أهل الحديث ، والماتريدية والأشعرية طيب ، هذه مذاهب ثلاثة في العقيدة ، فكيف يكون هناك ثلاثة مذاهب في العقيدة ، في الأمور الغيبية .
الشيخ : يقولون اختلافهم رحمة ، كان يمكن أن يكون هذا وقد قيل ، إنه هذا في الأحكام ، اختلافهم رحمة في الأحكام لأنه فيه تيسير ، كما يقول بعض الجهلة أنه يوم القيامة يقف على أول الصراط الأئمة الأربعة فكأنهم الأئمة هم المحاسبون للناس ، يأتي رجل مثلاً حنفي المذهب صلى صلاة مجعلكة ، لكن بتصح في مذهب ثان ، يقول له الإمام الثاني تعالى من هنا ، أنت صلاتك صحيحة على مذهبي
يضحك الشيخ والطلبة رحمهم الله
وهكذا ، هذا هو الضلال المبين ، فقلت ممكن أن يقال إن الاختلاف في الفروع فيه يسر ، وبنوا على ذلك هذه الخرافة التي ذكرناها المتعلقة بالصراط ، مع ذلك الاختلاف ليس برحمة ، حتى في الفروع فما بالنا نقول ثلاثة مذاهب في العقيدة التي لا يمكن أن يتصور فيها شكلان من العقيدة في بعض الأحكام الشرعية ممكن يكون في وجهين ، يعني كما يعبر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فيقول الاختلاف نوعان اختلاف تضاد واختلاف تنوع ، اختلاف تضاد يعني فلان توضأ ولمس امرأة ، ما هو حكم وضوءه ؟ قيل انتقض وضوءه ، وقول لم ينتقض وضوءه ، هذا اختلاف تضاد ، لا يمكن أن يكون القولان صحيحان في واقع الشرع ، وإنما أحدهما هو الصحيح ، ما هو الصحيح ؟ يعرفه أهل العلم وأهل العلم الذي يستقون العلم من الكتاب والسنة ، هذا اختلاف تضاد لا يمكن أن يكون القولان صحيحين ، اختلاف تنوع مثلاً : الإمام الشافعي يقول دعاء الاستفتاح هو : " وجهة وجهي للذي فطر السموات والأرض ... " إلى آخره ، الإمام أبو حنيفة يقول : سبحانك اللهم وبحمدك المحدثون يقولون : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي ... " إلى آخره ، هل في تعارض أو تصادم ؟ ما في تعارض وتصادم ، إن أنت استفتحت بـ " وجهت وجهي " جاز ، وإذا استفتحت بـ " سبحانك " جاز ، أو " اللهم باعد " جاز ، وهناك أدعية كثيرة ذاكرها في صفة الصلاة ، هذا اختلاف تنوع ، أما في العقيدة لا يمكن أن نتصور اختلاف بوجه من الوجوه إطلاقاً ، يعني ربنا إما أنه ينزل أو لا ينزل ، يجيء أو لا يجيء ، استوى على العرش أو ما استوى على العرش ، ونحو ذلك ، مع هذا وجدت في هذه العقيدة ثلاثة مذاهب كيف نتصور هذه المذاهب الثلاثة في العقيدة تكون حق ، وربنا عز وجل يقول : (( فماذا بعد الحق إلا الضلال )) ؛ لذلك لكي نكون في منجاة من الوقوع في مثل هذا الاختلاف ، وفي منجاة من الوقوع في مثل هذا الانحراف عن الكتاب والسنة فهماً ، ليس إيماناً بالكتاب والسنة ، كل الفرق الإسلامية تؤمن بالكتاب والسنة لكن الكثير منها لا يؤمن بالكتاب والسنة ، يؤمن به لفظاً لكن لا يؤمن به معناً ، فما الفائدة من الإيمان باللفظ دون الإيمان بالمعنى ، وعرفتم كيف يؤمنون باللفظ فلا يؤمنون بالمعنى ، لذلك تحاشياً من الوقوع في مثل هذا الانحراف نحن ندعو لاتباع الكتاب والسنة ، وعلى منهج السلف الصالح .

الشيخ : كيف يمكننا أن نعرف ما كان عليه سلفنا الصالح ، كيف يمكننا أن نعرف ما كان عليه سلفنا الصالح ، سواء ما كان متعلقاً بالعقيدة أو كان متعلقاً بالفقه ، أو ما كان متعلقاً بالسلوك ، الطريق الذي به نعرف ما كان عليه الرسول عليه السلام ، هو نفس الطريق الذي به نعرف ما كان عليه السلف الصالح ، أي باختصار طريق الرواية طريق الحديث وتلقي الروايات المتعلقة سواء ما كان منها من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالسلف الصالح فبطريق الروايات والحديث ، هذا الطريق حاد عنه جماهير المسلمين اليوم ، وقبل اليوم من قرون ، فجماهيرهم كانوا يعتمدون في فهم الكتاب والسنة ، على آرائهم وما كانوا يشعرون مُطلقاً في داخله نفوسهم أنهم بحاجة إلى أن يستعينوا على فهم الكتاب والسنة بآثار السلف الصالح ، ما كانوا يشعرون بهذا .
الشيخ : لكننا نحن بفضل من سبقنا من أهل العلم ، تنبهنا لهذه النقطة الهامة ألا وهي ضرورة فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ، ومن الدليل على ذلك : قوله تبارك وتعالى : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) هنا دقيقة ولطيفة جداً ، في الآية الكريمة ربنا ذكر سبيل المؤمنين عطفاً على مشاققة الله والرسول ، فقال : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى )) ما اكتفى بهذه المشاققة عطف عليها قوله : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ، (( نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) تُرى ما هي النكتة من ذكر سبيل المؤمنين ، فلو أن الآية كانت فرضاً :  ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا  ترى كانت تفي بالغرض الذي قامت به الآية بتمام : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ؟ نقول : لا ، إذاً هنا نكتة بالغة من ذكر الله عز وجل لجملة : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ، عطفاً على قول رب العالمين : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ؛ لماذا ذكر هذه الجملة ؟ يتبين لكم الآن لماذا ؟ أي يكون باتباع سبيل المؤمنين الذين اتبعوه بإحسان عليه الصلاة والسلام ، وإلا لو فعلنا كما فعلت المعتزلة والخوارج وركبنا رؤوسنا وسلطنا أفهمانا بل أهواءنا على نصوص الكتاب والسنة ، لضللنا ضلالاً بعيداً .
الشيخ : ولكنا من الذين شاقوا الله والرسول ، باسم إيش ؟ هكذا نحن نفهم ، هذا هو السبب في وقوع الفرق الضالة في مخالفة الشريعة في كثير من العقائد ، فضلاً عن الأحكام الفقهية ، أنا عادة أضرب مثلاً بسيطاً لتوضيح أهمية هذا القيد الذي استفدناه من الآية السابقة ومن الحديث الأول ، ( ما أنا عليه وأصحابي ) اضرب مثلاً بسيطاً آية في القرآن الكريم من أبين الآيات في بيان المراد الإلهي وهي قوله تبارك وتعالى في وصف أهل الجنة في الجنة : (( وجوه يومئذٍ ناضرة * إلى ربها ناظرة )) ماذا كان موقف الخوارج والمعتزلة بالنسبة لهذه الآية وهي صريحة في أن من نعم الله تبارك وتعالى ، على المؤمنين في الجنة بل هي أكبر نعمة يمتن الله بها على أهل الجنة ، إنهم يرون ربهم يوم القيامة ، فإذا رأوه تبارك وتعالى نسوا نعيم الجنة كلها ، ماذا فعل المعتزلة والخوارج تجاه هذه الآية ، هل أنكروها ؟ لا ، ما أنكروها ؛ لأنهم لو أنكروها لخرجوا من الدين كما تخرج الشعرة من العجين .
الشيخ : لكنهم عطلوها ، حرفوا دلالتها الصريحة (( إلى ربها ناظرة )) قالوا إلى نعيم ربها ناظرة ، ما فيها شيء - يضحك رحمه الله - إلى نعيم ربها ناظرة ، قدروا مضافاً محذوفاً ، وكما قلنا نحن آنفاً في بيان كيف ينبغي أن تُفهم اللغة العربية ، فضلاً عن الكلام الإلهي القائم على اللغة العربية ، جاء الأمير ، جاء الملك ، هل يجوز لنا أن نفهم جاء خادم الأمير أو خادم الملك ؟ لا ، يا أخي يقول لك هذا أمر معروف في اللغة العربية ، تقدير مضاف محذوف ، وهنا بحث عند أهل العلم يقولون تقدير المضاف المحذوف يجوز عند وجود الدليل المقتضي لذلك ، وإلا كانت تعطلت اللغة العربية أنا بقول جاء أحمد ، هو شو يفهم جاء ابنه ، جاء أبو أحمد ، جاء ابنه ، يا أخي من أين جئت بهذا التأويل ؟ ! ما يعجبه إلا أن يعطل اللغة العربية ، فهنا هكذا فعل المعتزلة وغيرهم في تفسير نصوص الكتاب والسنة ، نعم ، لكن الحق لم يوافق أهواءهم ؛ لذلك يقولوا لك في ضرورة للتأويل ، ما هي الضرورة ؟ ما دخل في عقله ومعنى هذا أنهم ما نقول ليسوا مؤمنين مطلقاً ، لكن نقول بكل جرأة إن إيمانهم ناقص وضعيف ؛ لأن الله عز وجل يقول في مطلع سورة البقرة : (( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين )) من هم ؟ (( الذين يؤمنون بالغيب )) أول صفة المتقين هم : (( الذين يؤمنون بالغيب )) بنص الكتاب ، طيب ، من الغيب ؟ (( إلى ربها ناظرة )) ، ما بدها فلسفة ، هم يستعملوا العقل البشري ، مثل القوة البشرية ، هل تستطيع أن تزيل جبل عن مكانها ؟ لا ، القوة البشرية محدودة ، كذلك البصر محدود ، السمع محدود ، كذلك العقل محدود تماماً ، كل شيء في الإنسان خلق ضعيفاً ، فهم لما يسمعوا الآية : (( إلى ربها ناظرة )) كيف ؟ نحن إذا قلنا إلى ربها ناظرة معناه حصرنا في جهة ، وضعناه فوق حطيناه أما إلى آخره ، من هذه الشبهات التي استقوها من ما يشاهدونه حولهم كمخلوقين ، لكن الخالق نسوا أن وصف نفسه بصفتين اثنتين ، إحداهم إيجابية والأخرى سلبية ، الإيجابية صفة قائمة فيه ، أما السلبية تنزيه له تبارك وتعالى ، فقال : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ، (( ليس كمثله شيء )) تنزيه ، إنه أي شيء يخطر في بالك من صفات الله عز وجل يختلط عليك الأمر ، حتى يكون مثل صفاتنا ، تقول رأسا ليس كمثله شيء ، لكن هل هو عبارة عن معنى قائم في الذهن لا حقيقة له ولا وجود له ، حاشاه ، يعني نحن الآن أن نتصور العنقاء ، العنقاء اسم عربي قديم خيالي ، طير كبير يتحدث عنه السندباد البحري في قصة ألف ليلة وليلة ، وأمثالها ، أنه عبارة عن طير كبير ، البيض تبعه مثل القبة ، شايف ويحكي قصة فيها طرافة وظرافة ، كلها خيال بخيال ، العنقاء جسم ، اسم بدون جسم ، اسم قائم في الذهن ، معنى قائم في الذهن ، لكن في خارج الذهن ، يعني في الواقع لا حقيقة له .
ربنا عز وجل الذي له كل صفات الكمال ومنزه عن كل صفات النقصان ، هل هو هكذا ؟ معنى قائم في نفوسنا وليس له حقيقة قائمة خارج هذا الكون ، خارج هذا العقل ؟ الله أكبر من ذلك ، بل هو خلق السموات والأرض ، فهو له كل صفات الكمال فهو ذات موجودة حقيقية ، ولها كل صفات الكمال ، إذ الأمر كذلك ، فما هي صفاته عز وجل ؟ ليس لنا مجال في العقل أن نصفه من عندنا ، بل قد كفانا مؤنة تشغيل عقولنا ، بأن وصف نفسه لنا في الكتاب والسنة ، من جملة هذه الصفات : (( إلى ربها ناظرة )) أنهم المؤمنون كما قال أحد فقهاء الشعراء ، نستطيع أن نقول :
"يراه المؤمنين بغير كيف      وتشبيهٍ وضرب من مثال "
 فرؤية الله ثابتة في الآخرة أنكرها المعتزلة ، أنكرها الخوارج ، هل لعدم وجود نصوص في الكتاب والسنة لا ، النصوص موجودة ولكنهم حرفوها وعطلوا معانيها ، إذاً ما استفادوا شيئاً من إيمانهم بهذه النصوص ، مع إنكارهم حقائق دلائلها ، فإذاً يجب أن نؤمن بالنص لفظاً ومعنى ، النص محفوظ مهضوم ، كيف نعرف المعنى ؟ هنا كما يقال بيت القصيد ، بالرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح ، القرآن يفسر أول شيء بالقرآن ، ثم بالسنة الصحيحة ، ثم بالآثار السلفية ، فهل نجد عند السلف الصالح تفسير هذه الآية : (( وجوه يومئذٍ ناضرة * إلى ربها ناظرة )) أي إلى نعيم ربها ؟ أبداً كل أثر يأتي عن السلف يتفق مع ظاهر الآية أولاً ، ثم مع الأحاديث الصحيحة الصريحة في الدلالة على أن الآية ظاهرها التي يفهمها كل عربي ، إذا كان لم يُصب بهوى ، لم يصب بمذهبيه أو حزبيه مقيتة  .

الشيخ : هناك آية أخرى ، قالها تعالى : (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) جاء تفسير هذه الآية في الحديث الصحيح في مسلم : ( (( للذين أحسنوا الحسنى )) أي الجنة ، (( وزيادة )) أي رؤية الله في الآخرة ) فسروها بغير شيء مثل رؤية النعم وما شابه ذلك مما سبق ذكره ، هذا اسمه التعطيل باختصار ولعلي أطلت أكثر مما أراد السائل بالسؤال ، باختصار أقول رحم الله ابن القيم ، الذي قال :
" العلم قال الله ، قال رسوله        قال الصحابة ليس بالتمويه
 ، ما العلم نصبك للخلاف سفاهة   بين الرسول وبين رأي فقيه
  كلا ولا جحد الصفات ونفيها    حذراً من التعطيل والتشبيه "
 هذا هو العلم ، قال الله ، قال رسول الله ، قال الصحابة . اليوم الفرق الإسلامية كلها ، يأخذون من هذا الكلام اثنين ، قال الله وقال رسول الله ، لكن يلفوا ويدوروا على ما قال الله ، قال رسول الله ويأتونك بمذهب ما أنزل الله به من سلطان .

الشيخ : وحسبكم مثالاً على ذلك الفرق الجديدة ، وهي القاديانية الذين يسمون بالأحمدية ، فهؤلاء آخر الفرق الإسلامية التي لها كيان ولها شخوص ، ولها بروز ولها دعوة شائعة في البلاد الأوروبية والأمريكية باسم الإسلام ، هؤلاء مسلمون يصلون الصلوات الخمس ويحجون إلى بيت الله الحرام ، ولكنهم ينكرون حقائق شرعية منصوصة في الكتاب والسنة ، لم يسبقوا إلى القول بها ، مش مثل المعتزلة والماتريدية والأشاعرة ، فهم مثلاً ينكرون أن يكون هناك خلق هم الجن ، مع أن هناك سورة في القرآن اسمها سورة الجن . طيب ، هل ينكرون القرآن وينكرون السورة ؟ لا ، لكن يقولون لنا أنتم ما فهمتم معنى الجن ، الجن مثل الإنس والبشر ، هذين اللفظين ، يدلوا على مسمى واحد أم على مسميين ؟ لا مسمى واحد ، هم جابوا مسمى ثالث الإنس والبشر والجن ، أسماء ثلاثة تُطلق على مسمى واحد وهو البشر ، لما بتجيب لهم آية في القرآن : (( خلقتني من نار وخلقته من طين )) فيقول لك هذه مش نار حقيقية ، ولا طين حقيقي ، إنما هذا مجاز ، مجاز ولما بتجيب له الحديث الصحيح في مسلم : ( خلق الله الملائكة من نور ، وخلق الجان من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم ) ، يقولوا لك هذا حديث آحاد ، حديث آحاد ، آحاد ، يعني مش متواتر يعني ، حديث آحاد لا تثبت به عقيدة ، وهذه ضلالة وهي أنه حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة ، مع الأسف الشديد هو ليس مذهبا قاديانيا ، القاديانية سبقوا إلى هذه الضلالة بقرون ، لكن لم يسبقوا إلى تفسير الجن بأنهم الإنس أو البشر ، الأزهر الشريف الآن ، الأزهر اللي يسموه الشريف ، يقرر على الطلاب اللي يوزعوهم على العالم الإسلامي للدعوة إلى الإسلام ، أن الحديث الصحيح لا يحتج به في العقيدة ، إلا إذا كان متواتراً ، شو معنى متواتر ؟ يعني أنه يكون جاي من طرق عديدة ، يعني يكون رواه عشرة من الصحابة وعشرة من التابعين ، عن عشرة من الصحابة وهكذا ، وعلى كل حال أردت أن أختصر ، لكن كما يقال الحديث ذو شجون ، أينعم .
الطالب  : ماذا يستفيدون من التعطيل ؟
الشيخ : إتباع الأهواء ، يحكموا عقولهم وما يحكموا شرعهم .
الطالب : أرأيت من اتخذ إلهه هواه .

الشيخ : هواه ، أي نعم ، الشاهد أذكر جيداً بمناسبة الأزهر الشريف وأنه يقرر هذه العقيدة ، أخطأ أبو أحمد ومن ناوله الكأس ، أخطأت حيث لم تنتبه ، فالبدء خطأ منه وأنا سايرته ، يمكن هذه عليه - يضحك الشيخ رحمه الله - أذكر جيداً منذ عشر سنين أو أكثر كنا في منى في الحج ، وفي ليلة من ليالي منى الجميلة والجو هناك هادئ ، وربنا متجلي فيه على عباده ، جلست أتحدث مع بعض الحجاج هناك وهم من مصر ، من سوريا إلى آخره ؛ لما دخل علينا رجل مصري أزهري ، جلس بعد السلام ، أحس بأن الذي يتكلم له اتجاه خاص ، يعني بالقلم العريض اللي يسموه وهابي يعني ، ونحن بنقول سلفي فأحب هو أن يثير مشكلة وهي يقول إن الجماعة الوهابية مجسمة ويقولوا إن الله عز وجل في السماء وعلى العرش استوى ، أنا استمعت له حتى أرجع له ، انتهى من الكلام ، قلت له يا شيخ : (( الرحمن على العرش استوى )) هذا كلام البشر أم كلام الله ؟ قال : لا ، بل كلام الله . قلت له : أنا سمعتك بتقول إنه الوهابية يقولوا هيك ، هذا كلام رب العالمين ، شو قال المسكين ؟ قال : صحيح أن هذا كلام رب العالمين ، لكن المعنى مش مثل ما يقولوا هم ، قلت له هم شو يقولوا ؟ قال : هم يقولوا أن (( الرحمن على العرش استوى )) يعني استعلى . قلت له : طيب شو المعنى اللي غير هيك ؟ قال : لا ، هذا معناه أننا حصرنا ربنا في مكان . وهنا الشاهد والنكتة تأتي . قلت له : يا شيخ ، أنت فاهم من الجماعة خطأ ، هم ينزهون الله عن المكان ، والذين يخالفونهم هم الذين يجعلون الله في مكان ، قال : كيف ؟ قلت له المكان هل هو حادث أم قديم ؟ قال : بل حادث ؛ لأنه من كان يكون ، إنما أمره إذا اراد شيئاً أن يقول له كن فيكون . قلنا له : طيب ، الآن نحن هنا جالسون في منى ، ألسنا في مكان ؟ قال : نعم . قلنا له : فوقنا إيش في ؟ قال : السماء الدنيا . قلت له : مكان ؟ قال : نعم . وفوق السماء الدنيا إيش في ؟ بلا طول سيرة ، في السماء السابعة ، وماذا فوق السماء السابعة ؟ قال : العرش . وقلنا له : شو فوق العرش ؟ وهنا نكتة والشاهد ، قال : الملائكة الكروبيون ، هذا تعبير منقول لكنه مش صحيح ، أنا تجاهلت الموضوع ، قلت له شو الملائكة الكروبيون ؟ قال : إنهم ملائكة ربنا خلقهم ، قلت له هؤلاء فوق العرش ؟ قال : نعم . قلت له : هل يوجد آية أنه فوق العرش ؟ في : (( الرحمن على العرش استوى )) هل في آية أنه على العرش استوى الملائكة الكروبيون ؟ قال : لا . قلت له : طيب ، في حديث . قال : لا . قلت له : عجيب ! من أين أتت لكم العقيدة هذه ؟ قال : الأزهر الشريف هيك علمنا . قلت له : سبحان الله ! وهنا الشاهد . هنا الشاهد . قلت له : سبحان الله ! الأزهر الشريف يقرر أن الحديث الصحيح الثابت إسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تثبت فيه عقيدة ، طيب ، هنا لا آية ولا حديث ، من أين جئتم بهذه العقيدة ؟ على كل حال هذه جملة معترضة بالنسبة له ، بدي أتابع الحديث معه بالنسبة لـ (( الرحمن على العرش استوى )) . قلنا له : طيب ، سوف نغض النظر عن هذه العقيدة التي اعترفت أنت أنها ليس لها أصل لا في الكتاب ولا في السنة ، ولكنها عقيدة أزهرية ، سلمنا جدلاً ، أنه فوق العرش ملائكة كروبيون ، وفوق الملائكة الكروبيون إيش في ؟ قال : ما في شيء . فاتني أن أذكر لكم شيء مهم : قلت له : لما سألته المكان مشتق من كان يكون إلى آخره ، قال نعم . قلت له : الكون محدود أم غير محدود ؟ قال : محدود . قلنا له : إذاً حتى تسلسلنا بالبحث حتى وصلنا العرش ، وجاء هو بخرافة الملائكة الكروبيين وسايرته ، بعدين قلت له : هب أن هناك ملائكة كروبيين ، فماذا بعد ذلك ، فهل شيء هناك ؟ انتهى الكون ؟ قال : انتهى الكون . قال : انتهى الكون . يعني ما بقي في مكان ، ما بقي في مكان ، إذاً لما نحن نقول الرحمن استعلى على العرش لماذا أنتم تتهمونا أنه جعلناه في مكان ، ليس هناك مكان يا جماعة ، باعترافنا باتفاق الجميع ، أنه الكون محدود ، وآخر الكون اللي ما بعده كائن هو العرش ، وربنا عز وجل فوق العرش فوق المخلوقات ، كلها كما قال أيضاً الفقيه الشاعر :
 " ورب العرش فوق العرش      لكن بلا وصف التمكن واتصال "
فهو الغني عن العالمين  ، لكن لا مناص عقلاً وشرعاً من أن نقول إن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها ؛ لأنه غني عن العالمين ، أو نقول هو في المخلوقات كلها داخل فيها ، ومثل ما يقولوا امتزاج الماء بالثلج ، وقد قال بعض غلاة الصوفية  " وما الله إلا كالماء في الثلج " أو هيك شيء في الخلاصة قادماً أن نقول أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها أو نقول داخلها أو نقول كما سمعت أنا أحد مشايخي في دمشق وعلى المنبر وفي اليوم الأعظم يوم الجمعة ، يقول " الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف ولا داخل العالم ولا خارجه ، لا متصلاً به ولا منفصلاً عنه " هذا الوصف لو قيل لأفصح العرب كلاماً وبياناً ، صف لنا المعدوم لم يستطع أن يصفه بأكثر من أن يصف هؤلاء معبودهم ، " الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ، لا أمام لا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجها ، لا متصلاً به ولا منفصلاً عنه " هذا هو المعدوم ، هذه هو المعدوم ، ولذلك أعجبني جداً كلمة من أحد أذكياء الأمراء ، ابن تيمية الله يرحمه ويجزيه عن الإسلام خيراً ، جاهد في سبيل الدفاع عن مذهب السلف جهاداً كبيراً ، وكما تعلمون دائماً ، أهل البدعة يقوموا ضد أهل السنة ، وبخاصة قديماً وفي زمن ابن تيمية ، كل المشايخ ضده ، فشكوه للأمير بدمشق ، وطلبوا منه أن يجمعهم معه من أجل أن يقيموا الحجة عليه أمام الأمير ، فدعاهم الأمير وبدأ النقاش في بعض النقاط الاعتقادية منها أنه ابن تيمية يقول الله عز وجل له صفة العلو ، فوق المخلوقات كلها ، هم يقولوا لا ، الله في كل مكان ، مثل ما بتسمعوا في هذا الزمان ، الآن في أدنى مناسبة يقولوا لك الله موجود في كل الوجود ، شلون الله موجود في كل الوجود ؟ من جملة الوجود ، المجاري والدهاليز والبارات والخانات والحانات ... إلى آخره ، الله موجود في كل الوجود .
الخلاصة : جرى النقاش بين ابن تيمية والمشايخ ، فقام الحجة ابن تيمية عليهم ، بمثل هذا الكلام اللي سمعتوه وأكثر منه ، شو قال هذا الأمير الذكي العاقل ؟ وهو ليس بعالم ، لكن سمع المناقشة بين ابن تيمية وبين جمهور المشايخ ، فقال عن المشايخ هؤلاء قوم أضاعوا ربهم - يضحك الشيخ رحمه الله - هذا كلام تعليق ؛ لأنهم ما عارفين  ما أحد يقول أن الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ... إلى آخر الكليشة المصدية هذه ، هؤلاء فعلاً أضاعوا ربهم ، مش عارفين ربهم اللي يعبدوه ، أنت لما بتسجد بتقول " سبحان ربي الأعلى " مش عارف ! سبحان ربي الأعلى ، هو في كل مكان ؟ شو معنى سبحان ربي الأعلى ؟ (( الرحمن على العرش استوى )) ، أي استعلى ؛ لذلك ضروري جداً جداً جداً ، أن نتمسك بهذا المنهج الذي هو العمل بالكتاب والسنة ، وعلى منهج السلف الصالح ؛ ولذلك قال أهل العلم ، وكل خير في إتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف ، ومعذرةً من الإطالة .
السائلون : جزاك الله خيراً .
السائل : أنت قلت إن ربنا ما له حركة ... الدلائل
الشيخ : أنا ما قلت ما له حركة هم يقولون ، هم يقولوا لما يؤولوا أنه وجاء ربك ، يقولوا لا الله ما بيجي ، لا بروح ولا بيجي ، لماذا ؟ لأن ربنا لا يوصف بالحركة ، لكن نحن نقول ، نحن ما نقول إن ربنا يتحرك ؛ لأنه صفة يتحرك أو ما يتحرك هذه مش مذكورة في القرآن ولا في السنة ، لكن مذكور صراحة بأنه جاء وبأنه ينزل ، فإذا كان هم يفسرون جاء يعني بالحركة ، فنحن لا نفسر هيك ، لكن ما ننكر المجيء ، ما نقول جاء ربك أي أمر ربك ، ولا نقول ينزل ربنا أي رحمته ، عرفت عليَّ كيف ؟ ! فيمكن أنت دخلت عليك الشبهة ، من قولنا نحن ما نقول ربنا يتحرك .
الطالب : ونثبت المجيء .
الشيخ : أيوه ، لكن بالمقابل نثبت المجيء ، هذه تشبه قضية أخرى ، الحركة نسبتها إلى الله لم ترد ، لا سلباً ولا إيجاباً ، واضح إلى هنا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : يُشبه هذا لفظة أخرى ، تتعلق بالعلو الإلهي ، هل يجوز أن نقول الله في جهة ؟ ابن تيمية له كلام وجيه في هذه القضية ، قال نحن لا نقول بأن الله في جهة ، ولا نقول إنه ليس في جهة ؛ لأنه لفظة الجهة لم ترد لا سلباً ، ولا إيجاباً ، لكن إذا قيل لنا كما قيل لنا هناك في منى .

الشيخ : إنه أنتم تقولوا : (( الرحمن على العرش استوى )) أي استعلى ، معناه أنكم جعلته في جهة ، ووصف الله بأنه في جهة ، هذا لا يليق بالله عز وجل ؛ لأن الجهة من صفة المخلوقين ، فيقول ابن تيمية اللي يقول بالجهة أو بنفيها بنسأله ، هذا الذي يقول بالجهة ماذا تعني بهذه الكلمة ، إذا قال الله في جهة ، يعني في جهة العلو كما وصف به نفسه فيقول ما لنا سبيل في الإنكار عليه مرتين ، المرة الأولى جاء في لفظه غير واردة وهي الجهة ، والمرة الثانية أنه أنكر المعنى الثابت في الشرع في آيات الاستواء والعلو وضح لك الآن ؟
السائل : واضح لكن من الأدلة التي ذكرتها ألا تدل على أنه يتحرك ؟
الشيخ : ما نقول يتحرك يا حبيبي ، نحن لا نقول بأن معنى جاء أي تحرك ، معناه نحن نعطي الصفة اللي نحن نعرفها لا نفسنا ، عم ننسبها لربنا .


الشريط بصيغة mp3 

المصدر : ( من هنا )

العودة إلى قائمة الأشرطة

0 التعليقات:

إرسال تعليق