السبيل إلى العزة والتمكين

تفريغ الشريط رقم 181 من سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني رحمه الله


الشيخ : ... عند عامة الناس بأن زيادة الخير خير ، وهذه توطئة للنصيحة التي أنا يعني أردت أن أوجهها إليك ...
الشيخ : إن من البدع الحادثة في العصر الحاضر والتي لا يمكن الحكم على بدعيتها إلا من متمكن من معرفة السنة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسلف الصالح ، هذه البدعة هي أن الداخل حين يدخل يسلم ويصافح ، ومن تمام التحية المصافحة , وإن كان هذا حديثا ضعيفا من حيث روايته , ولكنه من حيث درايته صحيح المعنى ؛ فهو يصافح لكن الخطأ أنه يعطي لكل مصافح سلاما . السلام عليكم ، السلام عليكم ، عشرين شخص في المجلس عشرين سلام ، هذا بدعة ؛ وإنما السنة إذا دخل الداخل المجلس أن يقول : السلام عليكم ، سلاما واحدا ، ثم إذا تيسر له أن يصافح الحاضرين فذلك خير وأبقى , وإن لم يتيسر فقد قام بواجب إلقاء السلام .
( للمسلم على المسلم خمس إذا لقيته فسلم عليه ) أما المصافحة فهي سنة مستحبة , وكما يقول بعض الصحابة : " ما لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وصافحنا " لكن الزيادة على السنة القولية والفعلية هي البدعة بذاتها ؛ ولذلك قال من عرفت أن زيادة الخير خير ، لا ليس هذا بكلام مسلم به لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ؛ هذه نصيحة أوجهها بمناسبة إقبالك علينا ، وتبسمك في وجه أخيك صدقة , وأهلا .
الطالب : هنا يعني من تمام النووي رحمة الله عليه في الأذكار يذكر ضمن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنه كان يعيد الكلمة ثلاثا لتفهم عنه , وكان إذا سلم سلم ثلاثا ) فيقول في الشرح : إنما ـ يعني هذا قال الماوردي ـ إنما إذا اختص بعض الناس بالسلام ، هو الأصل فيه مرة واحدة ؛ لكن إذا كان الجمع كثيرا واختص بعض الناس بالسلام فجائز فما هو القول عندكم ؟ .
الشيخ : لا ، هو السلام ثلاثا إن كان الاستئذان ثلاثا , يعني لما يقف يستأذن يقول : السلام عليكم ، السلام عليكم ، السلام عليكم ، كما كان يكرر الكلمة لتفهم منه وتعقل عنه .
الطالب : نعم .
الشيخ : فالسلام كالاستئذان هو ليس لتخصيص شخص دون الآخرين ؛ ومن أجل هذا أنا أشرت آنفا أن الحكم بأن مثل هذه القضية بدعة لا يمكن إلا لمن استقرأ السنة ؛ فهل وجدت في السنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقي أبا بكر وهو أفضل الناس من بعده عليه السلام فقال له : السلام عليكم ، السلام عليكم ، السلام عليكم ؟ .
الطالب : من حيث السنة الفعلية لا يرد طبعا .
الشيخ : هذا هو , والسنة القولية كما نقول دائما يجب تفسيرها بالسنة العملية ، هذا شيء ؛ والشيء الثاني أن الذي كنا فيه حتى لو سلمنا بذلك التأويل الذي لا نرتضيه شيء آخر ؛ فهو يسلم بكل من صافحه : السلام عليكم ، السلام عليكم ، عشرين شخص ، عشر أشخاص عشر سلامات ، لا ، تلك إن صح التأويل فقضية خاصة ؛ نعم .
الطالب : جزاك الله خيرا .
السائل : وعند الفراق شيخ .؟
الشيخ : نعم .؟
السائل : كيف المصافحة عند الفراق ؟ .
الشيخ : عند الفراق المصافحة هي مستحبة وليست كعند الملاقاة ، الأحاديث التي وردت في المصافحة عند اللقاء كثيرة وشهيرة ؛ أما عند المفارقة فقليلة وعزيزة جدا ؛ هناك حديث في عمل اليوم والليلة لابن السني بإسناده ضعيف : أنه عليه السلام أو بعض أصحابه ـ الآن بعيد العهد عني ـ كانوا إذا تفرقوا صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وتصافحوا ؛ هذا من الأحاديث القليلة التي جاءت بالمصافحة عند المفارقة ، ولقلتها نفرق بين المصافحة عند اللقاء فهي سنة , وبين المصافحة عند الفراق فهي سنة مستحبة .
السائل : شيخ زيادة : ( ومغفرته ) عند السلام .
الشيخ : كيف .؟
السائل : زيادة : ( ومغفرته ) في الرد على السلام ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته .
الشيخ : نعم ، أنت تقول في الرد , وتعني ما تقوله , هذا نص القرآن الكريم مع السنة الصحيحة , فكلنا يعلم قول الله عز وجل : (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) فإذا سلم عليك المسلم قائلا ابتداء : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ وأردت أن تطبق الآية الكريمة : (( فحيوا بأحسن منها )) كيف يكون الرد بأحسن منها ؟ هات أعطيني الجواب ؟ .
السائل : قلت بمثلها أو بالأحسن ... الذي يسلم علي السلام الكامل أكتفي بالكامل ردا بالمثل ؛ أما إن كان سلامه ناقصا فأزيد عليه وهذا الأفضل .
الشيخ : هذا الذي ظننته فيك وكنت أتمنى أن يكون ظني خاطأ ، وأين ذهبت بقوله تعالى : (( فحيوا بأحسن منها )) ؟ هل أنت في هذه الحالة طبقت الشطر الأول من الآية وهو الأفضل , أم طبقت الشطر الأخير وهو المفضول وليس بالفاضل ؟ أنبئني بعلم .؟
لا , أنا سؤالي واضح جدا ، لكني أعترف بأني أخطأت معك حينما قلت لك : أنبئني بعلم ، بلاش بعلم .؟
الطالب : المهم جواب شيخنا ؟ .
الشيخ : إيه مهم جواب له ، أمامك آية يفهمها كل عربي ، لا فرق بين عالم وطالب علم وأمي عربي : (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها )) كان سؤالي لك : هل طبقت هذا الشطر الأول من الآية حينما قلت ما قلت ؟ .
السائل : طبعا لا .
الشيخ : هذا هو الجواب ، إذا يعود سؤال آخر لإتمام الموضوع وإزالة الشبهات في الموضوع : لماذا لا نطبق الآية ، ما الذي يحول بيننا وبين ذلك ؟ .
السائل : أن الآية مطلقة , فلفظ...
الشيخ : اتئد اتئد لا تستعجل , ما في هنا إطلاق وتقييد : (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها )) أمر صريح , ما الذي يحول بيننا وبين ذلك .؟ أنا لا أريد أن لا تقع مرة أخرى في الخطأ ولذلك قلت لك اتئد , يعني فكر في الجواب حتى لا تقع في الخطأ مرة أخرى ، و( لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ) ما الذي يمنعنا من تطبيق الآية ؟ .
السائل : إذا عرفنا معنى : (( بأحسن منها )) استطعنا الجواب .
الشيخ : إذا أنا أخطأت آنفا حينما قلت إن هذه الآية يفهما كل عربي سواء كان عالما أو طالب علم أو أميا عربيا ، أظن بناء على جوابك كنت مخطئا في هذا ؛ كيف تقول إذا فهمنا ، يعني ما فهمنا بعد ؟ .
السائل : الذي أقصده ... هل نزيد مثلا : ومغفرته ؛ أو نزيد كلمات أخرى , ولماذا مثلا نخص ومغفرته .؟.
الشيخ : هذا شيء آخر , المهم أنت اتفقت معنا الآن أن الزيادة مشروعة ؟.
السائل : نعم .
الشيخ : كويس ؛ وإذا كانت الزيادة مشروعة فما نختلف ، إن كانت هي : ومغفرته ؛ أو كانت سواها ؛ المهم أن نتفق على شرعية الزيادة ؛ أما هل نقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ورضوانه ؛ أم نقول : ومغفرته ؛ أم نقول : وتحياته ؛ هذه مسألة أخرى ؛ المهم أن لا ننكر الزيادة على : وبركاته ؛ مادام أنه عندنا النص القرآني الصريح : (( فحيوا بأحسن منها )).
أما ما جنحت إليه أخيرا مرقعا قولك أقصد كذا وكذا فهذا جواب : ( ومغفرته ) جاءت في الحديث الذي كنت ذكرته في بعض أجزاء السلسة الصحيحة , وجاء في بعض الآثار الصحيحة التي وردت عن ابن عمر رضي الله عنه حيث جاء عنه روايتان هامتان ، أشكل الأمر بسبب إحداهما على بعض طلبة العلم في السعودية فكتب إلي خطابا طويلا ، والإشكال جاءه من حيث أنه اختلط عليه أمر الابتداء بالسلام على الرد للسلام , فقد جاء بالسند الصحيح عن ابن عمر أن رجلا بادره بقوله : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورضوانه , قال : انتهى السلام إلى : وبركاته ؛ فأخذ صاحبنا كلمة انتهى السلام عند وبركاته ، هذا كلام صحيح في الابتداء ؛ ولذلك نحن ننبه بعض إخواننا الذين لم يفهموا المسألة فهما صحيحا , فيبتدئوننا بالسلام بزيادة : ومغفرته , فنقول : انتهى السلام إلى وبركاته ، هكذا كانت السنة , وهكذا يقول ابن عمر أحرص الناس على إتباع السنة ؛ لكن هذا الرجل نفسه كان إذا رد السلام زاد ومغفرته ؛ فإذا هو يفرق بين الابتداء بالسلام وبين رد السلام ؛ ففي الابتداء لا يجوز الزيادة على وبركاته ؛ لكن في رد السلام يجوز الزيادة على وبركاته , والذي جاء في الحديث الذي أشرت إليه آنفا وأثر ابن عمر هي : ومغفرته ؛ فالتزام هذه الزيادة أولى عندي من زيادة أخرى ؛ ولكن سواء كانت هذه أو تلك فيجوز لمن أرد أن يطبق الشطر الأول من الآية السابقة : (( فحيوا بأحسن منها )) ولا يجوز أن نعطل نصا قرآنيا صريحا لا يقبل التأويل بسبب أن الناس ما يعرفون هذه الزيادة , واعتادوا على وبركاته انتهى السلام ؛ هذا ما عندي حول هذه المسألة .
السائل : شيخنا شو رأيك تعطي نصيحة عامة ...
الشيخ : يعني إيه .
سائل آخر : نصيحة عامة تنصحنا فيها , وبعدين أسئلة , نصيحة حول إقامة مثلا الدعوة في إدلب , وكيفية إقامة مثل هذه الدعوة بمنهج علمي صحيح , يعني نصيحة حول كيفية الدعوة إلى إقامة منهج علمي صحيح في إدلب ؟ .
الألباني : والله هذا , يجب قبل كل شيء على إخواننا الحريصين على إتباع الكتاب والسنة أن يتدارسوها دراسة علمية دقيقة فيها الوعي والفهم الصحيح ، وفيها التأني في عدم تبني الآراء الشخصية من الذين يرون أنفسهم أنهم صاروا من طلاب هذا العلم الشريف ؛ ويجب بالإضافة إلى هذا ـ وهو دراسة هذا العلم ـ يجب أن يكون كل دارس حريصا على العمل بما علم حتى لا يكون علمه حجة عليه من جهة ، وحتى ينفع الله تبارك وتعالى الناس بعلمه .
ثم ينبغي أن يلاحظ في ذلك أمر ثالث : وهو إذا أردنا أن ندعوا الناس إلى ما امتن الله به علينا من الهدى والنور فيجب أن نترفق بهم وأن لا نشدد عليهم , وأن لا نظهر أمامهم بأننا متميزون عليهم بهذا العلم ، يجب أن نعتبر الناس كل الناس الذين نراهم بعيدين عن هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، أن نعتبرهم مرضى , ولا شك أن المرض المعنوي أشد وأضر على صاحبه من المرض المادي البدني ، وإذا كان من المفروض في الطبيب البدني أن يترفق بالمريض حتى يقول كثير منهم أن بعض المرض يعافون بمجرد أن يسمعوا كلاما لطيفا من طبيبهم , فأولى وأولى أن يكون طالب العلم الذي يتولى إرشاد الناس وهدايتهم إلى اتباع السنة واتباع ما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم ، أن يكون رفيقا في دعوتهم لطيفا في معاملتهم .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينكر على السيدة عائشة رضي الله عنها حينما قست في رد السلام على ذلك اليهودي الذي دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فألوى لسانه بالسلام فقال : السام عليكم . فسلامه غير واضح أنه سلام المسلمين , ولا هو واضح أنه دعاء على سيد المرسلين بالموت الذي هو السام ؛ فهو لم ينطق بها فصيحة صريحة , بالطبع لا يتجرأ أن يخاطب الرسول عليه السلام والدولة له يومئذ بقوله : السام عليك أي الموت ؛ ولكنه أيضا لما في قبله من غل وحقد وكفر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطلق ليلقي عليه السلام الذي هو اسم ليلقي عليه صلى الله عليه وآله وسلم السلام السلام الذي هو اسم من أسماء الله عز وجل كما جاء في الحديث الصحيح ، وإنما غمغمها وضيعها , فقال : السام عليكم ، ومن الأمر البدهي أن لا يخفى ذلك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم , فرد عليه السلام بإيجاز وغاية الإيجاز بقوله : ( وعليكم ) أما السيدة عائشة وهي من وراء الحجاب , فما كادت تسمع هذا الإلواء من ذاك اليهودي بالسلام حتى طارت شقتين , وقالت : وعليك السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير . فلما خرج اليهودي قال عليه السلام لها : ( ما هذا يا عائشة ) قالت : يا رسول الله ألم تسمع ما قال , قال لها : ( ألم تسمعي ما قلت , يا عائشة ) وهنا الشاهد : ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه , وما كان العنف في شيء إلا شانه ) وإذا كان هكذا يقول الرسول عليه السلام لمن خاطب اليهود بتلك اللهجة القاسية وهي السيدة عائشة , وحق لها ذلك لأنها فهمت من اليهودي أنه يدعوا على النبي صلى الله عليه وسلم بالموت ؛ فماذا ينبغي أن يكون موقفنا مع إخواننا الذين يشتركون معنا على الأقل في الشهادتين ؛ فلا شك أننا يجب أن نترفق بهم وأن لا نشدد عليهم .
ولهذا كان من وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما أنه عليه السلام لما أرسلهما دعاة إلى اليمن قال لهما : ( اذهبا وتطاوعا , ويسرا ولا تعسرا ) فهذا كله وذاك مما يجعلنا ننتبه لنكون في دعوتنا متسامحين متيسرين مع الناس ، وكما أقول في مثل هذه المناسبة كثيرا ما أقول :
إن دعوتنا والحمد لله هي دعوة الحق , والناس عن الحق غافلون ، وكلمة الحق بطبيعة الحال على الناس ثقيلة , فيكفي إثقالا على الناس أن ندعوهم إلى هذا الحق الثقيل عليهم ، فحسبهم ثقل كلمة الحق , فذلك مما ينبغي أن يردعنا وأن يصدنا عن أن نزيد في الإثقال عليهم في استعمالنا الأسلوب الشديد في دعوتنا إياهم إلى الحق ؛ لأنه إذا انضم إلى شدة الحق وثقله على الناس شدة الأسلوب , إذا انضم إلى دعوة الناس شدة الحق وثقله عليهم وهو حق ، فلا ينبغي أن نضم إلى هذا الثقل ثقلا آخر ليس بحق ، وحينئذ يكون هذا الثقل الثاني صآدا للناس عن تقبل الحق الثقيل بطبيعته ، كما قال تعالى : (( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا )) .
ولهذا كان من كلامه عليه السلام بالنسبة لمعاذ في قصة إطالته للقراءة في صلاة العشاء تلك الإطالة التي حملت أحد الأنصار على أن يقطع الصلاة خلفه , وأن يصلي وحده , وينطلق إلى داره ويترك الجماعة ؛ فكان معاذ لما بلغه الخبر يشتد في الحمل على هذا الأنصاري حتى كان يقول فيه : إنه منافق ، واستعمل معاذ رضي الله عنه استعمل هذه الكلمة انطلاقا منه مع المبدأ العام ، المبدأ العام الذي تحدث عنه ابن مسعود في حديثه الطويل في صحيح مسلم أنه : ( ما كان يتخلف عن صلاة الجماعة إلا منافق ) وكذلك هناك حديث آخر : ( أن الذي يكون في المسجد ويسمع الأذان ثم يخرج فهو منافق ) استعمل معاذ هذا الاستعمال العام في حق ذلك الإنسان ، وكان مخطئا , لأن هذا الرجل لم يخرج إتباعا للهوى , وإنما لعذر بينه للرسول عليه السلام حينما شكا معاذا إليه ، فأرسل الرسول وراء معاذ كما هو معلوم ، فقال له عليه الصلاة والسلام : ( أفتان أنت يا معاذ ، أفتان أنت يا معاذ ، أفتان أنت يا معاذ ، بحسبك أن تقرأ بالشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى ونحوها من السور ، إذا أم أحدكم فليخفف ... ) إلى آخر الحديث , الشاهد غن القسوة والشدة تضر بالدعوة ، ونحن مع الأسف نلاحظ في كثير من إخواننا ، وكلما كان هذا الأخ حديث عهد بالدعوة كلما كان شديدا فيها لأنه يتصور أن الشدة تنفع في الدعوة , والواقع أنها تضر ، وحسبكم في هذا الصدد قول الله عز وجل : (( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) .
الشيخ : وأرى أيضا أن أذكر بأننا اليوم ابتلينا بنقيض ما كنا ابتلينا في القرون الماضية السابقة ، كنا ابتلينا في القرون السابقة بجمود العلماء فضلا عن طلاب العلم فضلا عن العامة ، ابتلينا بالجمود على التقليد المذهبي ومضى هذا الجمود على المسلمين قرون طويلة ؛ الآن في فيئة في صيحة مباركة في الرجوع إلى الكتاب والسنة ، وبلا شك فقد أتت أكلها وثمارها اليانعة , ولكننا نشكو الآن نقيض ذلك الأمر الذي كنا نشكو عليه من قبل ، كنا نشكوا الجمود فأصبحنا الآن نشكوا من الانطلاق ؛ فأصبح كل من سمع كلمة في الكتاب والسنة وهو لا يفقه من الكتاب والسنة شيئا , إنما بعض العبارات أو بعض الكلمات يسمعها من بعض الدعاة , وقد تكون هي كلمات حق , وقد يكون في بعضها خطأ , فيظن أنه أصبح بذلك عالما يجوز له أن يقول : أنا أرى كذا ، وأنا رأيي كذا ، وأنا أرى هذا القول خطأ . ويتدخل في كل كبير وصغير , وهو لا يحسن أن يقرأ حديثا ؛ ذلك الجمود وهذه لها أخطارها ، وإذا دار الأمر ـ هذا رأيي الشخصي ـ إذا دار الأمر بين اتباع مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة , والجمود عليها , وبين أن يصبح كل مسلم مدعيا العلم ، مدعيا الاجتهاد ؛ فلا شك أن البقاء على ما كان عليه الآباء والأجداد من اتباع المذهب , وعدم الاعتداء بآراء الجهلة الذين ما درسوا العلم , ذلك خير ، وهذا من باب : حنانيك بعض الشر أهون من بعض .
صحيح أن بعض الحكماء أو الأدباء من العراقيين قال كلمة جميلة جدا , ولكن فيها استدراك أيضا جميل قال : " لأن أجتهد فأخطئ أحب إلي من أقلد فأصيب " قال : " إنما قلت أحب إلي لأن الخطأ ليس خيرا من الصواب , أحب إلي وليس خيرا " لأن أجتهد فأصيب فأخطئ خير من أن أقلد فأصيب ، عفوا : أحب إلي من أن أقلد فأصيب ؛ قال : ولم أقل خير لأن الخطأ ليس خيرا من الصواب ؛ لذلك فعندما ننصح يجب أن ننصح إخواننا الذين يشتركون معنا في الدعوة وتبني الكتاب والسنة أن لا يغتروا بنفوسهم , وأن لا يغتروا ببعض المعلومات التي أخذوها من غيرهم , وليتها كانت بدراستهم الشخصية , فإن هذا يفتح علينا بابا بالنسبة للآخرين لا قبل لنا برده ؛ لأن الآخرين يحتجون علينا بأنكم تسمحون لمن لا يعرف ، يقولوا عندنا في الشام : " الألف من البسطيلية " البسطيلية هي العصا الطويلة ، وبعض البلاد هناك يقولوا : " ما يعرف الخمسة من الطمسة " فهذا عيب بلا شك يؤخذ على الدعوة السلفية .
لكن والحمد لله الدعوة السلفية لا تقر مثل هذه الآراء الشخصية التي تنبع من ناس ليسوا من طلبة العلم , ولو كانوا كذلك من طلبة العلم ولكنهم بعد ما نضجوا في العلم ؛ ولذلك فنحن نقترح على هؤلاء أن لا يعتدوا بآرائهم وأن يستعينوا بأهل العلم ، لأن القرآن الكريم كما تعلمون جعل المسلمين قسمين :
عالم ، وغير عالم ؛ وهكذا كان الأمر في كل العهود السابقة وبخاصة في القرن الأول ، القرن الأنور وهو قرن الرسول عليه السلام وعصره ، فقد كان الناس قسمين عالم وغير عالم ، وهذا ما عناه الله عز وجل بقوله : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
يقول ابن القيم وغيره بأن العلماء من الصحابة الذين كانوا يفتون يعني بالكاد أن يبلغ عددهم مئتي شخص ، مئتي عالم ، والألوف المؤلفة ما كانوا كما هو الشأن الملايين نقول اليوم وليس الألوف لكثرة المسلمين ما شاء الله اليوم على وجه الأرض ، ما كان هؤلاء الذين هم الألوف المؤلفة من الصحابة كل واحد يعطي رأي ، يبدي رأي وإنما كانوا يطبقون قوله تبارك وتعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وبناء على هذه الآية يجب أن ننشر هذه الحقيقة بين شبابنا السلفي , ونعيشهم عليها بحيث تكون نصيب أعينهم دائما وأبدا ، أنت عالم ، عالم تجتهد تفهم الكتاب والسنة ، لست عالما إذا ليس واجبك أن تقول أنا أرى كذا ، وأنا اجتهدت فرأيت كذا ، سواء كان ذلك في تصحيح حديث , وهو ليس من أهل الحديث , أو كان في استنباط حكم وهو ليس من الفقهاء ؛ فعليه إذا أن يحقق هذه الآية : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
لأن هؤلاء الذين يتجرؤون على الإفتاء وهم ليسوا من أهل العلم والإفتاء , مثلهم مثل ذلك الرجل الذي دعى عليه الرسول عليه السلام بأن يهلكه الله عز وجل لأنه أفتى بفتوى قضى بسببها على نفس بريئة مسلمة ، تعلمون هذا الحديث الذي رواه أبو داوود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية , فلما قاتلوا الكفار وأمسوا وأصبح بهم الصباح , قام أحدهم وقد احتلم ، وفي جسده جراحات كثيرة فسأل من حوله هل يجدون له رخصة في أن لا يغتسل ؟ قالوا : لابد لك من أن تغتسل ؛ فاغتسل فمات ؛ فلما بلغ خبره رسول الله صلى الله عليه وسلم دعى عليه فقال : ( قتلوه قاتلهم الله ، ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال ) هذا الحديث يجب أن يكون ماثلا دائما وأبدا أمام أعين طلاب العلم حتى لا يتجرؤوا على الإفتاء فيصيبهم مثل ما أصاب ذلك الرجل الذي دعى عليه الرسول عليه السلام بأن يقاتله الله تبارك وتعالى .
والتجرئ على الإفتاء ؛ يبدوا مما سبق من الكلام يعود وباله على المفتي أولا , وعلى المفتا به ثانيا , وحينئذ إذا استقر هذا المعنى في طلاب العلم الذين لم يصلوا إلى معرفة الكتاب والسنة , وتتبع أقوال الأئمة والمفاضلة والمراجحة بينها ؛ وإنما مجرد أن يقول : أنا أرى وأنا فهمت كذا ، هؤلاء ليريحوا أنفسهم من المصيبتين اللتين أشرت إليهما أولا : أن يقعوا هم في الخطأ , وأن يوقعوا غيرهم في الخطأ , وذلك بأن يسألوا أهل العلم , ولا عليهم بعد ذلك أخطأ هذا الذي أفتاه أم أصاب , لأنه إن أصاب فبها ونعمت , وإن أخطأ فإنما إثمه على مفتيه ؛ فبدل أن يتحمل الإثم هو بنفسه لأنه أفتى بغير علم وورط الذي أفتاه بغير علم , فليجعل الإثم على غيره إن أفتاه بغير علم , وهذا لا يعني أن لا يتحرى شبابنا في سؤالهم لأهل العلم ، أن يميزوا بين عالم وعالم ، بين مدعي للعلم وعالم حقيقة , وبين عالم بمذهب وجاهل بالكتاب والسنة ، هذه قضية أخرى ؛ فالمهم أن يسأل من يثق بعلمه ويثق بدينه , فحينذاك لا يقع في المشكلة التي وقع فيها ذاك الذي أفتى الرجل بأنه لابد أن يغتسل , ولجهله بالسنة لم يفته بجواز التيمم , لأن الماء يضره وفعلا أضره ، وكان سبب وفاته ؛ هذه كلمة ولعلي أطلت فيها ؛ فأرجوا الله عز وجل أن يوفقنا للعمل بالعلم النافع , وأن يعرفنا بذوات نفوسنا , وأن لا يجعلنا من المغترين بها , لأن الغرور مهلكة ما بعدها مهلكة .
السائل : جزاك الله خيرا .
الطالب : حديث : ( نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة ) شيخنا أوردتموه في الضعيفة الأول , وفيه مهدي بن الهجري قال عنه أبو حاتم : مجهول وغيره ولكن نود قول أنه روى عنه جماعة . نعم والحديث يشهد له فطر النبي صلى الله عليه وسلم , شهادة عامة أقصد الشهادة بالنهي يعني من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم .؟
الشيخ : بحثت عدد الرواة .؟
الطالب : عدد الرواة تجد أربعة أو خمسة .
الشيخ : بحاجة إلى إعادة نظر إذا كان كذلك .
الشيخ : نعم هاتوا اغتنموا الوقت .
السائل : سؤال : يسأل الأخ بالنسبة إذا دخل الواحد والإمام راكع يركع دون الصف حتى ولو لم يدرك يعني حتى لو وقف الإمام وهو لم يدرك الصف أو لم يصل إلى الصف , تحسب له ركعة ؟ .
الشيخ : أينعم ، يظل يدب حتى يشارك الإمام في الركوع , فإن رفع الإمام رأسه رفع معه , ثم يمشي حتى يشارك في الصف ، واضح ؟ .
السائل : نعم ، وتحسب له ركعة .
الشيخ : هذا أمر مفروغ منه ، هو لماذا كل هذا التعب , وهذه المشكلة التي تعتبر مشكلة عند بعض الناس .؟ هو لإدراك الركعة .
سائل آخر : شيخنا هذا مثل ما ذكرت مرة أنه يخطو خطوة ثم يضم الثانية إليها وفي هذه الحالة ...
الشيخ : أينعم , بحيث لا يظن أنه يمشي ولا يصلي .
السائل : أستاذي لو سجد الإمام ولم يدركه ولم يدرك سجود الإمام الأول وهو يمشي , فكيف يصبح .؟ طبعا فاته ركن فيأتي بركعة ، ولا تحسب له .
الشيخ : كيف هذا ونحن إيش قلنا آنفا ؟ .
السائل : يعني هل يوجد ضابط في هذه المسألة ؟ .
الشيخ : ماذا قلنا آنفا ؟ .
السائل : قلنا إذا أدركه معتدلا حسبت له ركعة .
الشيخ : معتدلا ؟ .
السائل : راكعا , وركع من الخلف حسبت , حسبت إذا رفع من الركوع وهو لم يدرك الصف يرفع معه المأموم , فإذا سجد وهو لم يدرك الصف ...
الشيخ : سيسجد معه .
السائل : يسجد قبل أن يصل إلى الصف ؟ .
الشيخ : طبعا شو الفرق بين السجود والركوع ؟ .
السائل : حتى لو أكمل صلاته يكمل .
الشيخ : حتى إيش ؟ .
السائل : لو أكمل صلاته ذلك الإمام لو أكمل صلاته في الصف الأول وهو في الخلف يكمل الصلاة معه .
الشيخ : المهم أنه يسعى لينضم إلى الصف ، فإذا فاته الإمام بمعنى سلم ، هذه أضيق الأمور يعين , فهو قد اقتدى بالإمام وأتى بالسنة .
وفيق : طيب إذا جلس للتشهد شيخنا .؟
الشيخ : طول بالك خليه هو ينتهي .
السائل : لا يدخل في هذا الباب : ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) ؟.
الشيخ : هذا لا يدخل , يعني هل تريد أن ترد بهذا الحديث الحديث الآخر الذي نحن بنينا عليه حكم أن من جاء المسجد ووجد الإمام راكعا ركع حيث هو , ثم يدب . تعرف هذا الحديث أنت ؟ .
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ، هل هذا يعارض حديث : ( لا صلاة لمنفرد في الصف ) .؟ يبدوا من كلامك أنك كذلك تريد أن تقول , وإن شاء الله لا تقول ، هذا مخصص لذاك الحديث : ( لا صلاة لمن صلى وراء الصف وحده ) الذي يقتدي في الصف الثاني ، الصف الأول هو يعقد الصف الثاني وحده , ويجد مجالا في الصف الأول أن ينضم إليه ، فهذا إذا صلى لوحده فصلاته باطلة ؛ لكن لو أنه حرص كل الحرص أن ينضم إلى الصف الأول , ونحن ذكرنا الصف الأول على سبيل المثال , وليكن الصف العاشر , المهم أنه حرص أن ينضم إلى الصف الذي بين يديه , ثم لم يجد مساغا للانضمام فصلى وحده فصلاته صحيحة ، فالحديث نفى صحة صلاة المنفرد ، هو بالنسبة للمهمل وليس بالنسبة للذي لا يستطيع أن ينضم إلى الصف ، وأظن النقطة هذه يمكن الغفلة عنها , هي التي أثارت المشكلة التي عرضتها آنفا , لعل الأمر كذلك ؟ .
السائل : نعم .
السائل : أستاذي سؤالي بالنسبة الصلاة بالنسبة للمنفرد خلف الصف ...
الشيخ : أنا سألته سؤالا فلا تضيعه ، أقول لعل الأمر كذلك .؟ قل : نعم , قل : لا ، على حسب ما يقوم في نفسك .
السائل : نعم ، قلت نعم .
الشيخ : بمعنى أنك ترى التفصيل السابق ذكره وهو أن حديث : ( لا صلاة لمن صلى وراء الصف وحده ) هو كحديث : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) فهذا وذاك ليس على عمومه وشموله بل هو مستثنى ، فمن الاستثناء فيما يتعلق بحديث : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ما نحن في صدده الآن ، رجل دخل الصف وركع مع الإمام ولم يكن قرأ الفاتحة , فأدرك الركعة أم لم يدرك ؟ .
السائل : أدرك .
الشيخ : أدرك الركعة على أصح قولي العلماء في الموضوع ؛ إذا ماذا فعلنا بحديث : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ؟ خصصناه , قلنا هذا عام مخصص بحديث : ( من أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة ) فما هو المعنى الصحيح حينئذ لحديث : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ؟ حينئذ نجمع بين العام والخاص , فنقول : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا من أدرك الإمام راكعا ولم يتمكن من قراءة الفاتحة ؛ فتسقط عنه ركنية الفاتحة بسبب إدراكه الركوع مع الإمام ؛ واضح هذا .؟
السائل : نعم .
الشيخ : كويس , الآن نعود إلى الصلاة وراء الصف وحده لا صلاة له ، هذا أيضا من العام المخصص ليس على شموله وعمومه ، كيف .؟ نحن نعلم أن كل أحكام الشريعة تبنى على قاعدة (( من استطاع إليه سبيلا )) (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) فالذي جاء إلى المسجد ولم يجد من يصلي معه في الصف الذي هو يريد أن يصلي فيه ، فهو ينظر هل هناك مجال لفرجة يسدها أم لا .؟ فإذا وجد فرجة ومع ذلك صلى وراء الصف وحده فهذا هو الذي ينطبق عليه الحديث ؛ وإذا لم يجد فرجة فلا يقال له صلاتك باطلة ؛ لأن هذا لا يستطيع إلا هذا الذي هو فيه الآن ، يعني يصلي وحده ؛ واضح هذا الأمر الثاني أيضا ؟ .
السائل : واضح ، بس في سؤال في ذلك في هذا الموضوع وهو كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عام فلم يقل يعني لا صلاة لمنفرد خلف الصف إن لم يجد فرجة مثلا .؟ .
الشيخ : سامحك الله ، هذا سبق الكلام عليه ، ولم يقل لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا من أدرك الإمام راكعا ، قال هذا ؟ .
السائل : قال هذا .
الشيخ : لا ، ما قال هذا .
السائل : قصدك يعني الجمع بين الحديثين .
الشيخ : والذي أنت قصدته هو الذي أنا قصدته في الحديث الثاني , الجمع بين الحديث وبين أحاديث بين القرآن (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) هل هذا الذي يريد أن يصلي في الصف وحده يستطيع أن لا يصلي في الصف وحده ؟ .
السائل : لا يستطيع .
الشيخ : إذا ماذا يفعل ؟ .
السائل : ينتظر أحدا .
الشيخ : ينتظر إلى يوم يبعثون يعني ؟ .
السائل : إن لم يجد فهذا إنما يطبق قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
الشيخ : يا أخي كل حديث كل حكم شرعي مقيد بالاستطاعة , أنت لا تشك في هذا في ظني ، ( صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ) صلي في الصف فإن لم تستطع صلي وحدك ؛ أما : ( لا صلاة لمن صلى وراء الصف وحده ) هذا يشمل بعض الكسالى ، بعض المؤذنين في بعض المساجد الذين يصلون في المسجد النبوي ، يصلون فوق السدة ، هذه بدعة عثمانية تركية قديمة ، يوم لم تكن مكبرات الصوت , ومع ذلك هذا ليس بعذر ، فيصلون هناك فوق , فيقطعون الصفوف ، هذا لا عذر له ؛ فلو صلى واحد هناك وحده صلاته باطلة , لكن إذا صلوا جماعة كما نراهم صلاتهم صحيحة ؛ لأنهم ما صلوا وحدهم , لكنهم آثمون بسبب عدم انضمامهم إلى صفوف المسلمين .
السائل : طيب لو صلى اثنين , ويوجد فرجة في الصف ... ؟ .
الشيخ : سبق الجواب الآن ، بالنسبة للمؤذنين في المسجد النبوي ، أو الظاهر ما كنت معنا ؟ .
السائل : ... .
الشيخ : سبحان الله , في أحد يسجل هنا ؟ أسمعه ، يا أخي أنا قلت , الذي قصدته سبق الجواب ، قلت الذين يصلون في المسجد النبوي على السدة إذا صلى رجل وحده صلاته باطلة ؛ لأنه في فسحة في المسجد ، لكن لما يصلوا جماعة فصلاتهم صحيحة لكنهم آثمون ؛ فالآن عندك في فرق بين اثنين بين ثلاثة , بين أربعة بين خمسة ما أظن أنه تفرق ؟ .
السائل : يعني باطلة لو كانوا ... .
الشيخ : عم أسألك سؤال ، هيك الناس كلهم يعني الواحد يوجه سؤال ما يحضى عليه بالإجابة هذه مشكلة ، في فرق عندك بين اثنين صلوا بين خمسة ؟ .
السائل : ما في فرق .
الشيخ : طيب ، شو حكم الاثنين يلي صلوا وشو حكم الخمسة يلي صلوا وراء الصف وأمامهم فرجة في الصف الذي بين أيديهم , شو حكمهم ؟ .
السائل : صحيحة .
الشيخ : هذا الذي قلناه ، وقلنا إنه سبق الجواب ؛ بس الفرق أنا ضربت مثالا آنفا وصلوا خمسة ستة , أنت رجعت تقول إذا اثنين صلوا , وأخيرا اتفقت معي .
السائل : ويوجد فرجة لاثنين .
الشيخ : وأنا بقول يا أخي يوجد فرجة في المسجد النبوي ما يوجد لخمسة ستة ؟ .
السائل : طيب يعيد الصلاة ؟ .
الشيخ : لا ما يعيد الصلاة , لأن الصلاة صحيحة مع الإثم .
الطالب : في حديث : ( أعد صلاتك ) فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
الشيخ : لكان في حديث .؟
الطالب : إيش يشمل هذا الحديث .؟
الشيخ : يشمل الذي نقول عنه , الذي وجد سعة ولم يسعى إليها .
السائل : ملاحظتين يا شيخنا بدي أسأل عنهم .
الشيخ : حول ؟
وفيق : حول قراءة الفاتحة المثال الذي ضربته , وحول الذي دب راكعا .
الشيخ : أنت شو سؤالك ؟ .
السائل : خارج عن موضوع الصلاة .
وفيق : ... بالنسبة لذكر الخاص والعام في قراءة الفاتحة ، أليس لقائل أن يقول : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما لي أنازع القرآن ) وقول أبي هريرة رضي الله عنه في نفس الحديث : ( فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه الإمام ) ثم الحديث الآخر : ( لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ) هل له أن يقول : انتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه الإمام إلا بالفاتحة ؟ .
الشيخ : ليس له ذلك ؛ لأنه لا دليل على وجوب قراءة الفاتحة بالنسبة للمؤتم الذي يسمع قراءة الإمام ، فالاستثناء من أين يؤتى به ؟
مع التسليم بعموم النص فانتهوا لا دليل على وجوب قراءة الفاتحة على المقتدي الذي يسمع القراءة من الإمام في الصلاة الجهرية .
وفيق : إذا قرأ فأنصتوا .
الشيخ : في نفسه ؟ .
وفيق : أقول منها حديث : ( إذا قرأ فأنصتوا ).
الشيخ : آه ، منها والآية الكريمة (( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا )) المهم يعني الجواب عن سؤالك هو هذا , ولسنا الآن في صدد ذكر الأدلة التي توجب الإنصات وراء الإمام في الصلاة الجهرية مطلقا سواء في الفاتحة أو غيرها ؛ طيب غيره .
وفيق : يغششني الشيخ علي يقول قل للشيخ : لا تفعلوا إلا ...
الطالب : قلت له أن قول شيخنا أنه ما فيه دليل على الوجوب لعله من لفظ : لا تفعلوا إلا ، هذا ما في دليل للوجوب شيخنا ؟ .
الشيخ : طبعا لكان ماذا .
الطالب : هو هذا أكبر إشكال ... فجمعا بين النصوص أستاذي , جمعا بين نصوص المسألة يقدم حديث : ( من كان له إمام فقراءته له قراءة ).
الشيخ : والآية ، والآية .
الطالب : الآية ، هي الأصل .
الشيخ : أنا ذكرت في صفة الصلاة أن هناك تدرج حتى قال أبو هريرة : ( فانتهى الناس عن القراءة وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يعني في أول الأمر أباح لهم القراءة بهذا النص : ( لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ) والذين يحتجون بهذا النص فهم في الحقيقة يعني يغفلون عن قاعدة أصولية , والذين أصلوا هذه القاعدة ضربوا على ذلك أمثلة عديدة ...
بعد النهي عنه إنما يفيد الإباحة ولا يفيد الوجوب ؛ فقوله تعالى : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) هذا الأمر بالانتشار في الأرض لا يفيد الوجوب وإنما يفيد الجواز والإباحة ؛ لأن هذا الأمر سيق لرفع الحضر الذي كان تقدم ذكره في أول الآية : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع )) هذا الأمر رفع بقوله تعالى أخيرا : (( فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )) فهذا الأمر لا يفيد الوجوب لأنه جاء بعد نهي عن السعي في الأرض وعن البيع والشراء ونحو ذلك ؛ كذلك مثلا قوله تعالى : (( فإذا حللتم فاصطادوا )) هذا رفع للنهي عن الصيد ما دمتم حرما ؛ فلما قال : (( فإذا حللتم فاصطادوا )) الأمر هنا غايته أن يرفع الحضر الذي جاء في الآية السابقة , وهكذا هنا الحديث : ( لا تفعلوا ) نهي عن قراءة القرآن وراء الإمام مطلقا ، هذا استثناء من النهي يفيد الإباحة ولا يفيد الوجوب ، وبخاصة إذا نظرنا إلى رواية أخرى في مسند الإمام أحمد بالسند الصحيح يعطينا إشعارا قويا بأن هذا الأمر ليس فقط للإباحة بل للإباحة المرجوحة وهي قوله : ( إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب ) إلا بفاتحة الكتاب تفيد الإباحة ... .

الشريط بصيغة mp3 

المصدر : ( من هنا )

العودة إلى قائمة الأشرطة

0 التعليقات:

إرسال تعليق