السبيل إلى العزة والتمكين

الخميس، 4 فبراير 2016

محاسبة النفس

 محاسبة النفس

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وجعلنا إن تمسكنا به خير أمة أخرجت للناس، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله برسالته، فبلغ البلاغ المبين، وتركنا على البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين تمسكوا بسنته، وساروا على نهجه، وجاهدوا في الله حق جهاده، وسلم تسليماً كثيرا،  أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، اعلموا أنه يجب علينا أن نحاسب أنفسنا في كل وقت وحين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)، (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ) يعني: كل نفس، (مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) يوم القيامة من الأعمال، فما كان من خير فإنه يحمد الله عليه ويزداد منه ويستمر عليه، وما كان غير ذلك فإنه يتوب إلى الله منه، ويستبدله بالعمل الصالح، فإن باب التوبة مفتوح دائماً وأبدا إلى أن تخرج الشمس من مغربها.

فالواجب على المسلم أن يحاسب نفسه في جميع الأوقات والساعات والشهور والأيام، ولا يختص ذلك بوقت معين لأن بعض الناس خصوصاً في هذا الزمان يعلقون محاسبتهم لأنفسهم على آخر هذا الشهر وبداية شهر ذو الحجة، ويقولون هذا نهاية السنة وبداية سنة فيحاسبون أنفسهم وهذا لا أصل له، التخصيص في هذا الوقت لا أصل له، لأن الواجب أن يحاسب المسلم نفسه في كل وقت لا في وقت معين إلا بدليل وليس هناك دليل على تحديد هذا الوقت للمحاسبة، كذلك منهم من يتبادلون التهاني بنهاية العام، وبداية العام الجديد، وهذا أيضا لا أصل له؛ بل هو من البدع المحدثة، لأن هذا يجعل آخر العام عيداً تبادل به التهاني وليس هناك عيد إلا عيد الفطر وعيد الأضحى  لهذه الأمة، أما أن الصحابة رضي الله عنهم جعلوا بداية شهر محرم بداية السنة الهجرية فهذا شيءٌ اصطلاحي، هذا شيء اصطلحوا عليه للحاجة لأن عمر رضي الله عنه في خلافته كانت تأتيه كتابات من عماله غير مؤرخه، فلا يدي متى كتبت فلذلك جمع الصحابة رضي الله تعالى عنهم واستشارهم في هذا الأمر، كان للنصارى تاريخ، تاريخ الميلادي يبدؤون السنة من يوم مولد المسيح بزعمهم، ويسمونه السنة الميلادية، وكان الفرس لهم تاريخ، وكان الروم لهم تاريخ، ولم يرضى الصحابة رضي الله عنهم أن يأخذوا شيئا من هذه التواريخ، لأن هذا فيه تشبه بالكفار قد نهينا عن التشبه بالكفار، فاستشار الصحابة فاتفق رأيهم على أن يؤرخوا بالهجرة هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، لأنها الحدث العظيم الذي أعز الله به الإسلام، وتكونت للمسلمين دولة في المدينة من المهاجرين والأنصار، فهذه الهجرة حدث عظيم في الإسلام، فلذلك رأوا أن يبدءوا تاريخ السنة من هذه الهجرة العظيمة، ولكنهم بدءوها من محرم، وأما بداية قدوم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة فهو في ربيع الأول لكن اتفق جمهورهم وجمهور المسلمين على أن يبدءوها من المحرم لأنه من الأشهر الحرم، وقد مدحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شهر رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ"، فبدءوا الهجرة أو التاريخ من دخول المحرم، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، استمر المسلمون على هذا يؤرخون بالتاريخ الهجري ولم يحدثوا عند ذلك لا تهاني ولا محاسبة ولا أي شيء، لأنهم إنما يريدون بداية التاريخ السنوي ليعرفوا معاملات مواقيت معاملاتهم وعقودهم وغير ذلك، هذا هو الغرض، وليس الغرض أن يجعل بداية السنة الهجرية عيدا يهنأ به أو تحدث فيه المحاسبات للنفوس أو ما أشبه ذلك، فعلينا أن نعرف هذا الأمر ونجليه للناس، وخير دليل على أنه لا يخص بداية العام الهجري بشيء أن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يخصونه بشيء، إنما كانوا يستعملونه لأجل معرفة بداية السنة التي تتعلق بها معاملاتهم وأحكامهم لا غير، فهذا أمر يجب أن يتنبه له، فإن النصارى كانوا يجعلون بداية السنة الميلادية عيدا لهم يسمونه عيد المولد ويتبادلون التهاني فيه وصناعة الأطعمة وغير ذلك، ونحن منهيون عن التشبه بالنصارى في سائر أعمالهم قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"، والمسلم يجب عليه دائما أن يحاسب نفسه في ليله ونهاره وساعاته وأوقاته، فينظر في أعماله ما كان منها صالحا يتزود منه ويستمر عليه وما كان منها سيئا يتوب إلى الله عز وجل منه، والله يقبل التوبة عن عباده، هكذا يكون عمل المسلم دائما وأبدا مع نفسه يحاسبها وينظر في أعماله، فيجدد التوبة عن التقصير والخلل ويستمر على الطاعة إلى أن ينتهي أجله، هذا شأن كل مسلم، أما أن يذهب إلى تعظيم الأيام والمناسبات ويتبادل التهاني وغير ذلك فهذا ليس من دين الإسلام إلا ما كان من العيدين الشريفين عيد الفطر وعيد الأضحى، فإنهما اليومان العظيمان في الإسلام هذا بعد صوم رمضان وهذا بعد الوقوف بعرفة وأداء الركن الأعظم من أركان الإسلام، ويجب على المسلمين أن يستقلوا في دينهم ويستغنوا بدينهم عن جميع الأديان سواءً كانت أديان سماوية لأنها نسخة بالإسلام، أو كانت أديان أرضية ابتدعها الناس لأنفسهم، فدين الإسلام جاء حاسما لكل ما سبقه.

فعلى المسلمين أن يعتزوا بهذا الدين لعظيم، وأن يتمسكوا به، وأن لا يدخلوا عليه شيئاً من المحدثات قال صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ".

فعلى المسلمين أن يتنبهوا لهذا ولا يتساهلوا في دخول البدع والمحدثات، وإن كانت في أول أمرها صغيره فإنها تكبر وتعظم وتتطور وتنسخ السنن النبوية، هذا في هذه المسألة وفي غيرها، في كل أمور الدين، على المسلم أن يتمسك بالدين الصحيح المأخوذ من الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح، ولا ينظر إلى أعمال الناس واستحسانات الناس والتقاليد للأمم الأخرى، فإن هذا ضياع للدين، ضياع للإسلام، وأتباع لغير الرسول صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)، سواءً استبدل الإسلام كله بغيره، أو استبدل بعضه بغيره، فلا يتساهل في هذا الأمر.

واتقوا الله عباد الله، أقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو التواب الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا،   أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعمروا دنياكم بالعمل الصالح، واستغلوا أيام أعماركم في طاعة الله عز وجل فليس لك من هذه الدنيا إلا ما كتبه الله لك من العمر طويلا كان أو قصيراً، فعليك أن تشغله بطاعة الله عز وجل والنظر في أعمالك، تذكر ما قدمت فتحدث لكل ذنب توبة، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهذا في كل وقت وحين، في الليل والنهار، في آخر شهر محرم في آخر شهر ذي الحجة، وفي شهر محرم وغير ذلك من الأوقات، أنظر دائما في عملك، وحاسب نفسك، واتقي الله في جميع أمورك، واحزم أمرك، فإنك على وشك الرحيل إلى الآخرة في كل لحظة، وفي كل يوم، وفي كل سنة.

فعلينا أن نتقي الله جل وعلا دائما وأبدا ولا نحدد أياما لم يحددها الله ولا رسوله للتوبة وللمحاسبة وغير ذلك.

واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامةً يا ربَّ العالمين، اللَّهُمَّ آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، اللَّهُمَّ ولي علينا خيارنا وكفنا شر شرارنا، اللَّهُمَّ اكفنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا واستقرارنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا وكفنا شر أعداءنا، اللَّهُمَّ اكفنا شر الأعداء، اللَّهُمَّ اكفنا شر الأعداء، اللَّهُمَّ اكفنا شر الأعداء من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين والمرتدين، اللَّهُمَّ أجعل كيدهم في نحورهم، اللَّهُمَّ اكفنا شرهم، اللَّهُمَّ ادفع عنا كيدهم ومكرهم، اللَّهُمَّ كف عنا بأس الذين كفروا فأنت أشد بأسا وأشد تنكيلا، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، ومن كل كيد ومكر، ومن كل شر وفساد إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فاذكروا الله يذكركم، واشكُروه نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.


++++++++++++



الحمد لله، إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمَّا بعدُ:                                                                                     

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله، جعل الله هذه الحياة الدنيا مزرعةً للآخرة يتزود فيها العباد الخير والعمل الصالح (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)، جعل الله الدنيا دار عمل والآخرة دار الجزاء (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى).

أيها المسلم أيها المسلم، وقد منح الله العبد إرادة واختيار ليختار بها ما شاء فإن اختار الخير وسبيل الرشاد جوزي عليه وكان من المفلحين الصالحين، وإن سلك طريق الغي والضلال عوقب عليه وكان من الضالين الهالكين.

أيها المسلم، وإن الله جل وعلا وكل بأعمال العباد (كِرَاماً كَاتِبِينَ) يسجلون أقوالهم ويكتبون أعمالهم (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ* كِرَاماً كَاتِبِينَ).

أيها المسلم، لم نخلق عبثا أبدا ولم نترك سدا (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى) بل هناك موقف لنا بين يد الله (يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ) صحائف أعمالنا التي عملنا في هذه الدنيا ننساها وقد أحصاها الله علينا (يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، إن هناك كتابا فيه سجل كل أقوالنا وأعمالنا سنقف عليه بين يدي الله جل وعلا (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً* اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً).

أيها المسلم، في ذلك اليوم تبدأ سرايا العباد ويقف العباد على أعمالهم (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ) وقال (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ* وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ) الآية.

أخي المسلم، إن مرور الأيام والشهور والأعوام تذكرك بالرحيل من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة فأستعد لذلك وقف مع نفسك وقفات عديدة في أعمالك كلها فيما بينك وبين الله وبينك وبين عباد الله.

أخي المسلم، قف مع نفسك هل كنت مخلصا لله في أقوالك وأعمالك لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجه الكريم مبتغى فيه وجه والدار الآخرة (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول : (قال الله أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي أحدا غيري تركته وشركه) وفي لفظ: (وأنا بري منه)، هل أخلصت لله أقوالك وأعمالك؟ هل حققت تعلق قلبك بربك محبتا وخوفا ورجاء ؟ هل حققت الخضوع إلى الله وأفردته بجميع أنواع العبادة وعلمت حقاً أن كل أنواع العبادة لا تليق إلا بالله فهو المعبود بحق وما سواه فمعبود بباطل.

أيها المسلم، موقفك مع فرائض الإسلام هل أديتها هذه الصلوات الخمس كاملة الأركان والواجبات وحافظت على الجمع والجماعات وأديتها في أوقاتها المفروضة وأقمتها في المساجد؟ هل أنت مؤدٍ لزكاة مالك محصٍ لجميع دخلك مدققاً موصل الزكاة لأهلها ومستحقيها؟ وهل حققت صومك وحجك ببيت الله؟ موقفك مع الأبوين هل كان موقفك مع أبويك البر بهما والإحسان إليهما وخدمتهما وطاعتهما بالمعروف ما موقفك مع امرأتك الذي ائتمنك الله عليها هل أنفقت عليها؟ هل عاملتها بالحسنى؟ هل عاشرتها بالمعروف؟ هل تعاملت معها بالمعروف؟ ثم المرأة المسلمة هل أطاعت زوجها بالمعروف و تعاملت معه بالإحسان؟ ثم موقفك مع أولادك هل وجهتهم التوجيه الصحيح وربيتهم التربية الصالحة وأخذت على أيديهم وأبعدتهم عن أماكن الردى والفجور والضلال ثم موقفك مع رحمك هل كنت واصلاً لهم هل كنت واصلاً لهم سائلاً عن حاجاتهم متحسساً لمشاكلهم عائداً لمريضهم مواسٍ لمحتاجهم مضمداً لجروحهم متعاملاً معهم بالعدل ملتزماً قول الله (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)، ما موقفك من أخلاق المسلمين عموما وحقوقهم العامة عليك من إفشاء السلام، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنازة، والنصيحة للمسلمين، ما موقفك أخي المسلم من ولاة أمرك هل كان موقفك محبة ولاة أمرك والسمع والطاعة لهم بالمعروف، وإعانتهم على الخير، والتعامل معهم، وسؤال الله لهم التسديد والثبات، ما موقفك مع وطنك المسلم هل كنت ساعياً في تحقيق الخير له في دفع الشر عنه، في استتباب أمنه في الدفاع عنه في منع الحاقدين والحاسدين أن ينالوا من مجتمع المسلم ما يريدونه من الكيد والضلال ما موقفك أخي المسلم من التعامل مع اخوانك المسلمين هل حببت لهم ما تحب لنفسك؟ هل كنت محباً للخير لهم ساعياً لإصلاح ذات البين بينهم بعيداً عن المكائد والضلال؟ هل كنت تظهر المحبة الحق والخير لهم أم تظهر المكيدة والغيبة والنميمة والسعي في تفريق شمل الأمة ما موقفك من أموالك هل كانت الأموال أتت بطريق مشروع وكسب مباح؟ وهل كنت في عقودك ومعاملاتك بعيداً عن الغش والتدليس والخداع؟ هل كان إنفاقك في الأموال موافقاً لشرع الله فيما تنفق لنفسك وتنفق على أولادك وتنفقه في العموم.

أخي المسلم، قف مع نفسك هذه الوقفات فإن كنت قائما بما أوجبه الله عليك فأحمد الله على هذه النعمة، وإن كنت مقصراً في شيء فتدارك بقية عمرك وإصلاح أوضاعك وتدارك الأخطاء فالتوبة مقبولة منك ما دمت في عهد حال الصحة والسلامة والعافية قبل أن تبلغ الروح الحلقوم.

أخي المسلم، إن كنت قصرت في شيء من حقوق الله، إن كنت مرائياً في أقوالك وأعمالك، فأخلص لله القول والعمل فلا ينفعك يوم القيامة إلا عملاً أخلصته لله، إن كنت تعلقت بغير الله من دعاء الأموات والغائبين واستغثت بهم، أو ذبحت لهم من دون الله، أو التجأت إليهم وطلبتهم من دون الله، فتب إلى الله فإنك إن لقيت الله عابداً لغيره مشركاً غيره في عبادته فإن مقرك إلى النار (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) فتب إلى الله من التعلق بضرائح الأموات من الأولياء والصالحين واعلم أنه لا ينفعك دعائهم فإنهم لا يسمعون بندائك ولا يقدرون على نفعك (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).

أخي المسلم أخي المسلم، إن كنت فرطت في هذه الصلوات الخمس فأضعتها أو تركتها أو أخرتها عن وقتها أو فرطت في أركانها وواجباتها، فتب إلى الله وأديها الأداء المطلوب فإنك إن حفظتها وحافظت عليها كانت لك نور ونجاة وبرهان يوم القيامة (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) احذر أن تلقى الله وأنت مضيع لها ومفرط فيها قال الله جل وعلا إخبار أهل النار إذا قيل لهم (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ).

أخي المسلم، فحافظ عليها وتوب إلى الله من ما مضى وأحسن هذه الصلوات وحافظ عليها بكل ما ممكن حافظ على أوقاتها وعلى أركانها وواجباتها وعلى طهارتها وأدها في المساجد وحافظ على الجمع وأدها مع المسلمين لتنال الخير العظيم، زكاة مالك دقق الحساب دقق الحساب وأحصِ الزكاة وأوصلها إلى المستحقين، فهي أمانة عندك لا تبرأ ذمتك إلا بإحصائها وإيصالها لمستحقيها، أدي فريضة الحج إن كنت قادراً على ذلك في وقته وإياك والتفريط والإهمال، وحق صوم رمضان وارجو بذلك مغفرة الله تب إلى الله مما حصل من عقوق بالوالدين وإهانة الوالدين وإساءة لعشرة الوالدين فتدارك بقية حياتك وبر بالأبوين وأحسن صحبتهما لتكون من المؤمنين حقا، ربِ الأولاد التربية الصالحة وخذ على أيدهم وأعنهم على كل خير(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) تعامل مع الزوجة بكل العدل والإحسان أحسن معاشرتها ومعاملتها والخطاب الطيب وأصلح ما بينك وبينها إن حصلت وتدارك ذلك.

أيها المسلم، صل الرحم وتدارك ما حصل من نقص و احذر من قوله جل وعلا (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).

أخي المسلم، انظر تعاملك في الأموال هذه الأموال في يدك هل مصدرها حلال بيع وشراء وميراث وتعامل طيب أم مصدرها غش ورشوة وسرقة واغتصاب وجحت للحقوق وغسيل أموال باطلة وأمور محرمة هل تجارتك تجارة مباحة أم تجارة مخدرات ومسكرات وأمور تخالف الشرع فاتقِ الله ونقِ التجارة وطهر الأموال والمكاسب الخبيثة فإن المكسب الخبيث لا خير فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة.

أيها المسلم، ما موقفك من وطنك المسلم هل كنت محباً لهذا الوطن محبةً إيمانية تسع للخير وإزالة الشر وباستتباب الأمنِ من الرخاء والاطمئنان أم أنت عدوا لدينك وعدوا لوطنك تمد يدك مع أعداء الأمة وأعداء دينها مع أقوام أعداء لك أعداء لعقيدتك أعداء لأمنك أعداء لخيرك أعداء لاستقرارك خارجين عن دينك وعقيدتك فإياك أن تمد يد العون مع هؤلاء إن الأمانة الإسلامية تفرض على كل مسلم حماية الوطن المسلم وحماية المجتمع المسلم وإن من يتعاون مع الجهات الخارجية التي معروف عدائها للإسلام من قديم وحديث ومعلوم كيدها للإسلام وتربصها بالإسلام ووقوفها مع أعداء الأمة في كل الأحوال إن التعاون مع هؤلاء خيانة للأمانة خيانة للأمانة وأي خيانة أعظم من أن تخون أمتك وتخون دينك وتخون أمنك وتخون استقرارك وتمد يد العون لأعدائك وتكون سماعاً لهم ومعين لهم وصدى لهم فيما يردون الأمة من شرور وفساد ألا نأخذ العبرة من واقعنا المرير من واقع الأمة التي مرت بها من هذه الشرور والفتن إنما ما نراه في السوء والشر يجب استئصالها لتبقى الأمة على أمنها واستقرارها وطمأنينتها واستقامة حالها إن تلك الفئات الضالة الخارجة عن المنهج القويم التي يستحلوا سفك الدماء وإراقة الدماء وانتشار الفوضى أمة خارجة عن منهج الأمة وعن سبيل الرشاد والهدى فلنكن أمة واعية وأمة يقظة ولنأخذ من واقع الأمة عظة واعتبار فإن الداعين للفتنة والناشرين لها والساعين في الأرض فساد أولئك قوم ليسوا منا ولا على عقيدتنا ولا على منهجنا المستقيم ، إن هذه الأمة التي تعيش أمنًا واطمئنانًا واستقرارًا وارتباطًا عقديًا وأخلاقيًا وأمنًا ورغدًا في العيش يجب أن نحافظ على هذه النعمة بكل ما أوتينا من إمكان وأن لا نصغي لأي عدوي خارجي ولا لأي منظمات سياسية تريد بالأمة شر، إننا في نعمة عظيمة وفي خير عظيم والتحام بين قيادتنا ومواطنينا مما غاض الأعداء الذين يكيدون كل المكايد ويبغون لها الغوائل ويريدون أن يبدلوا تلك النعمة والاستقرار بالفوضى والاضطراب وسفك الدماء ونحن وقول لهؤلاء رويدا قفوا عند أنفسكم وانظروا في عواقب الأمور ومآلاتها، وعلموا أن كل دعوة بغير هدى فدعوة باطلة، مجتمع آمن ومطمئن يحكم فيه شرع الله وينشر الخير لكل أحد، فماذا يريد الأعداء منا يريدون أن يحولون أمننا إلى خوف واستقرارنا لاضطراب وفوضى نبرأ إلى الله من تلك الأحوال ، ونقول لهؤلاء تفكروا في واقع أمركم واعلموا أن العدو لا يريد خير لأنفسكم ولا لكم وإنما يريد انتزاع الخير من أيديكم ليكون المسيطر على الأمة والمتحكم في خيراتها ومواردها يريدون إزالة العقيدة السلفية التي تجمع الأمة على الخير والتقوى، فالمسلم يقظ حذر يأخذ من الواقع عبرة وعظة و لا يكون مغتراً ولا منخدعا بكل الدعايات المظللة ووسائل الإعلام الجائرة والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية التي تحمل في طياتها كل شر وبلاء، كن حذرا، وكن متأنيًا وإياك أن تخدعك هذه الدعايات المظللة والتحليلات السياسة الكاذبة الفاجرة التي يغيضها ما يرون من أمننا واستقرارنا واطمئنانا، فإننا أيها الأمة تمضي علينا الأيام الأعوام ونحن في نعمة وأمن، نسأل الله أن يديم هذا الفضل علينا وألا ينزعه منا بذنب من ذنوبنا لكن يجب علينا أن نكون جسدا واحدا وأمة ملتحمة لا نرضى لأمتنا بالشر ولا نرضى للمفسد للفساد ولا نقر بفساده نأخذ على أيد كل مفسد وكل مجرم وكل بذرة سوء حتى لا ينتشر السوء ولا ينتشر البلاء، فإن الأمة إذا حكمت شرع الله في كل الأحوال وأخذت على كل المفسدين والمجرمين أمنت واطمأنت ولذا قال الله (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) هذا حكم الله في كل مفسد، وفي كل مجرم، وفي كل مهدد لأمن الأمة واستقرارها وسلامتها حكم الله في هكذا حتى تعيش الأمة آمنة مطمئنة لأن بذور السوء متى ما طويت في مهدها ارتاح الناس من شرورها وارتاح الناس من فسادها، في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بالخلق وأشرف الخلق على الخلق جاءه وفود من بعض العرب فلما دخلوا المدينة لم يطب لهم جوها فبعث بهم إلى إبل صدقة ليشربوا من ألبانها وأبوالها فلما صحوا عمدوا على.. الإبل وقتلوه وأخذوها واستاقوها فأرسل النبي بأثرهم فأوتي بهم فأمر أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وأن تسبل أعينهم بالنار وتركهم في الحرة يستسقونا فلا يسقون حتى هلكوا قال أنس: هؤلاء كفروا بالله ورسوله وقتلوا النفس بغير حق كل هذه الأحكام الشرعية ردعا لكل مفسد وإيقاف لكل مجرم عند حده حتى لا يستشري الفساد الناس ولا ينتشر الظلم والعدوان نحن في مجتمع مسلم يجب أن نحافظ على قيامه وعلى استقراره وعلى أمنه وطمأنينته ليعيش المسلمون كذلك في هذا الخير العظيم لنا وللأجيال من بعدنا نسأل الله أن يثبتنا على دينه وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا إنه على كل شيء قدير، أقول قول هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:

 فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.

عباد الله، في هذا الزمن كثرت الفتن وتلاطمت المحن واستحكمت الشهوات والشبهات والمشاكل فلا نجاة من هذه الأمور إلا بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما المنجيان من كل هذه المصائب، الأمة تمر بها متغيرات ومغيرات وتحديات كثيرة فلا خلاص لها إلا بالتحلي بالإيمان والتحلي الصادق وتحكيم شرع الله، وأن يكون ميزان أقوالنا وأعمالنا وولائنا وبرائنا وشعائرنا بالرضا التمسك بكتاب الله وسنة رسوله والاجتماع على ذلك والتعارف عليه والتعاون على البر والتقوى، كل فرد منا مسؤول عن أمته عن دينها وأمن دينها وأمنها واستقرارها كل على حسب مسئوليته، وعلى قدر مهمته، فالواجب على الجميع أن يكونوا يد واحدة وأن يقفوا وراء ولاة أمورهم، ويسأل الله لهم التوفيق والسداد والثبات، الأمن من أعظم نعم الله على العباد ولهذا لما بنى إبراهيم عليه السلام وإسماعيل البيت الحرام دعا إبراهيم في البيت (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ) فبدأ بالأمن قبل كل شيء، لأن بالأمن تعيش الأمة وتطمئن وتستقر حياتها، فنسأل الله أن يوفق قادتنا لكل خير وأن يجمع قلوبنا على الخير وأن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة واطمئنان وسكون وسلامة على الدين والأمن والاطمئنان إنه على كل شيء قدير.

واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلح وولاة أمرنا، اللهم وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم أدمه بالصحة والسلامة والعافية وفقه لكل ما همه وجهله بركة على أمته وعلى المسلمين أجمعين، اللهم وفق ولي عهده نايف بن عبدالعزيز لكل خير، وسدده في أقواله وأعماله، إنك على كل شيءٍ قدير، اللهم اجمع كلمتنا للحق، ووفقنا للصواب، اللهم من أردنا وسائر المسلمين بشر فجعل شره في نحره وجعل كيده في مكيدته إنك على كل شيء قدير، اللهم أجمع قلوبنا على طاعتك وجثنا على الخير والتقوى اللهم أدم نعمتك ولا تنزعها بذنوبنا اللهم إن نعوذ من زوال نعمتك ومن تحول عافيتك ومن فجأة نقمتك ومن سائر سخطك، اللهم إنا نعوذ من درك الشقاء وشماتة الأعداء وسوء القضاء، اللهم إن نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلب الدين وقهر الرجال (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10]، اللهم أهلا علينا هذا العام الجديد باليمن والإيمان والبركة والخير العميم إنك على كل شيء قدير، وأعنا فيه على طاعتك ووفقنا فيه لما يرضيك إنك على كل شيء قدير (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:23]، اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق، (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) [البقرة:201].

عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق